للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٦ - إمامة من يكرهه أكثر الجماعة بحق مكروهة على أقل الأحوال؛ لحديث أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون)) (١). وعن عمرو بن الحارث بن المصطلق قال: كان يقال: أشدُّ الناس عذاباً [يوم القيامة] اثنان: امرأة عصت زوجها، وإمام قومٍ وهم له كارهون (٢).

قال الإمام الترمذي - رحمه الله تعالى -: ((وقد كره قوم من أهل العلم أن يؤمَّ الرجل قوماً وهم له كارهون، فإذا كان الإمام غير ظالم فإنما الإثم على من كرهه، وقال أحمد وإسحاق في هذا: إذا كَرِهَ واحدٌ، أو اثنان، أو ثلاثة فلا بأس أن يصلي بهم حتى يكرهه أكثر القوم)) (٣). وذكر الشوكاني - رحمه الله -: أنه ذهب إلى التحريم قوم وإلى الكراهة آخرون، وقيّد جماعة من أهل العلم ذلك بالكراهة الدينية لسبب شرعي، فأما الكراهة لغير الدين فلا عبرة بها، وقيدوه بأن يكون الكارهون أكثر المأمومين، ولا اعتبار بكراهة الواحد، والاثنين، والثلاثة إذا كان المؤتمون جمعاً كثيراً، لا إذا كانوا اثنين أو ثلاثة، فإن كراهتهم


(١) الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في من أمّ قوماً وهم له كارهون، برقم ٣٦٠، وقال: ((هذا حديث حسن غريب))، والبيهقي، ٣/ ١٢٨ وقال: ((إسناده ليس بالقوي))، وذكره المنذري في الترغيب والترهيب وذكر تحسين الترمذي له وأقرّه، ١/ ٣٨٢، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، ١/ ٢٢٨، وله شاهد من حديث طلحة في صحيح الترغيب، ١/ ٢٢٨، ومن حديث الذهلي، ١/ ٢٢٨، وقد جاء لهذا شواهد: عن أنس عند الترمذي، برقم ٣٥٨، وعن عبد الله بن عمرو عند أبي داود، برقم ٥٩٣، وابن ماجه، برقم ٩٧٠، وعن ابن عباس عند ابن ماجه، برقم ٩٧١. والحديث صححه أحمد شاكر في شرحه على سنن الترمذي، ٢/ ١٩٣، وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي، ٢/ ٣٤٨: ((قال النووي في الخلاصة: والأرجح هنا قول الترمذي)). وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي، ١/ ١١٣، وقال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار، ٢/ ٤١٧: ((وأحاديث الباب يقوي بعضها بعضاً)).
(٢) الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء فيمن أمّ قوماً وهم له كارهون، برقم ٣٥٩، وقال الألباني في صحيح سنن الترمذي، ١/ ١١٣: ((صحيح الإسناد)).
(٣) سنن الترمذي، ص٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>