للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خفية من خصال الخير، فتغلب عليه تلك الخصلة في آخر عمره، فتوجب له حسن الخاتمة)) (١).

وينبغي للمسلم أن يعمل بالأسباب التي توصل إلى حسن الخاتمة ويبتعد عن جميع الأسباب التي تنشأ عنها سوء الخاتمة، ومن ذلك ما يأتي:

السبب الأول: خوف الله - عز وجل - والخشية من سوء الخاتمة، فقد كان السلف الصالح يخافون من سوء الخاتمة، فيحسنون العمل؛ لأن الخوف

مع الرجاء يبعث على إحسان العمل؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة)) (٢)؛ ولهذا كان الصحابة - رضي الله عنهم - ومن بعدهم من السلف يخافون على أنفسهم النفاق، ويشتد قلقهم منه؛ لأن المؤمن يخاف على نفسه النفاق الأصغر، ويخاف أن يغلب عليه عند الخاتمة فيخرجه إلى النفاق الأكبر؛ لأن دسائس السوء من أسباب سوء الخاتمة (٣).

* وقد ذُكِرَ عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال لحذيفة - رضي الله عنه -: ((نشدتك بالله هل سمَّاني لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم))؟ - يعني من المنافقين - قال: لا، ولا أبرئ بعدك أحداً، يعني لا يكون مفشياً سرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٤).

* وقال عبد الله بن أبي مليكة: ((أدركت ثلاثين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كلهم يخاف النفاق على نفسه، وما منهم من أحد يقول: إن إيمانه على


(١) جامع العلوم والحكم،١/ ١٧٢،وانظر: المفهم لما أشكل في تلخيص كتاب مسلم للقرطبي،١/ ٣١٩.
(٢) الترمذي، وحسنه، في كتاب صفة القيامة، باب: حدثنا محمد بن حاتم المؤدب، ٤/ ٦٣٣، برقم ٢٤٥٠، والحاكم من حديث أبي بن كعب - رضي الله عنه -، ٤/ ٣٠٨، و٢/ ٤٢١، ٥١٣، وأحمد في المسند،
٥/ ١٣٦، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم ٩٥٤، وبرقم ٢٣٣٥، وانظر: صحيح سنن الترمذي للألباني، ٢/ ٢٩٧.
(٣) انظر: جامع العلوم والحكم لابن رجب، ١/ ١٧٤، و١٧٢.
(٤) ذكره الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية، ٥/ ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>