للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي الله عنها قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقعد إلا مقدار ما يقول: ((اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام)) (١) ثم يستقبل الناس بوجهه كما تقدم في حديث سمرة - رضي الله عنه - (٢).

١٢ - ينصرف إلى الناس بعد السلام تارة عن يمينه وتارة عن شماله، لا حرج في شيء من ذلك؛ لحديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: ((لا يجعل أحدكم للشيطان شيئاً من صلاته يرى أن حقّاً عليه أن لا ينصرف إلا عن يمينه، لقد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - كثيراً ينصرف عن يساره)). ولفظ مسلم: ((أكثر ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينصرف عن شماله)) (٣). وعن أنس - رضي الله عنه - قال: ((أما أنا فأكثر ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينصرف عن يمينه)). وفي رواية لمسلم: ((كان ينصرف عن يمينه)) (٤).

قال الإمام النووي - رحمه الله -: ((وجه الجمع بينهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل تارة هذا، وتارة هذا، فأخبر كل واحد بما اعتقد أنه الأكثر فيما يعلمه، فدلّ على جوازهما، ولا كراهة في واحد منهما، وأما الكراهة التي اقتضاها كلام ابن مسعود فليست بسبب أصل الانحراف عن اليمين أو الشمال، وإنما هي في حق من يرى أن ذلك لابد منه؛ فإن من اعتقد وجوب واحد من الأمرين مخطئ؛ ولهذا قال: يرى أن حقّاً عليه؛ فإنما ذم من رآه حقّاً عليه، ومذهبنا أنه لا كراهة في واحد من الأمرين، لكن يستحب أن ينصرف في جهة حاجته، سواء كانت عن يمينه أو شماله، فإن استوت الجهتان في الحاجة وعدمها فاليمين أفضل لعموم الأحاديث المصرحة بفضل اليمين في باب المكارم ونحوها. هذا


(١) مسلم، برقم ٥٩١، وتقدم تخريجه في صفة الصلاة.
(٢) البخاري، برقم ٨٤٥، وتقدم تخريجه في البند السابع.
(٣) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب الانفتال والانصراف عن اليمين وعن الشمال، برقم ٨٥٢، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب جواز الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال، برقم ٧٠٧.
(٤) مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب جواز الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال، برقم ٧٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>