للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ولا يُكذَّب المخبر بالكسوف ولا يُصدَّق، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((وأما تصديق المخبر بذلك وتكذيبه، فلا يجوز أن يصدق إلا أن يعلم صدقه، ولا يكذب إلا أن يعلم كذبه (١)، ولكن إذا تواطأ خبر أهل الحساب على ذلك فلا يكادون يخطئون، ومع هذا فلا يترتب على خبرهم علم شرعي، فإن صلاة الكسوف والخسوف لا تُصلَّى إلا إذا شاهدنا ذلك، وإذا جوَّز الإنسان صدق المخبر بذلك أو غلب على ظنه فنوى أن يُصلي الكسوف والخسوف عند ذلك، واستعد ذلك الوقت لرؤية ذلك كان هذا حثًّا من باب المسارعة إلى طاعة الله تعالى وعبادته؛ فإن الصلاة عند الكسوف متفق عليها بين المسلمين، وقد تواترت بها السنن عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورواها أهل الصحيح، والسنن، والمسانيد من وجوه كثيرة)) (٢).

السبب الشرعي: هو تخويف الله تعالى لعباده؛ لحديث أبي بكرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد، ولكن الله تعالى يخوّف بهما عباده)) (٣).

وهذا السبب هو الذي يفيد؛ ليرجعوا إلى الله تعالى، أما السبب الحسي فليس ذا فائدة كبيرة؛ ولهذا لم يبينه النبي - صلى الله عليه وسلم - (٤).


(١) قال الإمام ابن باز: ((وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم ما يوافق ذلك وأن الله سبحانه قد أجرى العادة بخسوف الشمس والقمر؛ لأسباب معلومة يعقلها أهل الحساب، والواقع شاهد بذلك ولكن لا يلزم من ذلك أن يصيب أهل الحساب في كل ما يقولون، بل قد يخطئون في حسابهم، فلا ينبغي أن يصدقوا ولا أن يكذبوا، والتخويف بذلك حاصل على كل تقدير، لمن يؤمن بالله واليوم الآخر، والله أعلم)) تعليق ابن باز على فتح الباري لابن حجر، ٢/ ٥٣٧.
(٢) مجموع فتاوى ابن تيمية، ٢٤/ ٢٥٨.
(٣) البخاري، برقم ١٠٤٨، وتقدم تخريجه.
(٤) انظر: الشرح الممتع؛ لابن عثيمين، ٥/ ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>