للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الرعد قال: ((ملك من الملائكة موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء الله)) (١).

وفي مكارم الأخلاق للخرائطي عن علي أنه سئل عن الرعد فقال: ((ملك، وسئل عن البرق فقال: مخاريق بأيدي الملائكة، وفي رواية عنه: مخاريق من حديد بيده)). وروي في ذلك آثار كذلك.

وقد رُوي عن بعض السلف أقوال لا تخالف ذلك، كقول من يقول: إن اصطكاك أجرام السحاب بسبب انضغاط الهواء فيه؛ فإن هذا لا يناقض ذلك؛ فإن الرعد مصدر: رعد يرعد رعدًا، وكذلك الراعد يسمى رعدًا، كما يسمى العادل عدلاً، والحركة توجب الصوت، والملائكة هي التي تحرك السحاب وتنقله من مكان إلى مكان، وكل حركة في العالم العلوي والسفلي فهي عن الملائكة [بإذن الله - عز وجل -] وصوت الإنسان هو: عن اصطكاك أجرامه الذي هو شفتاه، ولسانه، وأسنانه، ولهاته، وحلقه، وهو مع ذلك يكون مسبحًا للرب، وآمرًا بمعروف، وناهيًا عن منكر.

فالرعد إذًا صوت يزجر السحاب، وكذلك البرق قد قيل: لَمَعَان الماء، أو لَمَعَان النار، وكونه لَمَعَان النار أو الماء لا ينافي أن يكون اللامع مخراقًا بيد الملك؛ فإن النار التي تلمع بيد الملك كالمخراق مثل مزجي المطر، والملك يزجي السحاب، كما يزجي السائق للمطي)) (٢).

الزلازل: الزلازل من الآيات التي يخوف الله بها عباده، كما يخوفهم


(١) لفظه في سنن الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((أقبلت اليهود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا أبا القاسم أخبرنا عن الرعد، ما هو؟ قال: ((ملك من الملائكة موكل بالسحاب معه مخاريق من نار، يسوق بها السحاب حيث شاء الله)) قالوا: فما هذا الصوت الذي نسمع؟ قال: ((زجره بالسحاب إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أُمر))، قالوا: صدقت ... )). الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة الرعد، برقم ٣١١٧، وصححه الألباني في صحيح الترمذي،٣/ ٢٦٢، وفي الأحاديث الصحيحة، برقم ١٨٧٢.
(٢) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ٢٤/ ٢٦٣ - ٢٦٤، وانظر حاشية ابن قاسم على الروض المربع، ٢/ ٥٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>