للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها وما أعد الله لك فيها لو عصيته، فيزداد غبطة وسروراً، ثم يُفسح له في قبره سبعون ذراعاً، ويُنوّر له فيه، ويُعاد الجسد لما بدأ منه، فتجعل نسمته في النَّسَم الطيب وهي طير يعلق في شجر الجنة، قال: فذلك قوله تعالى: {يُثَبّتُ الله الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} (١). قال: وإن الكافر إذا أُتي من قبل رأسه، لم يوجد شيء، ثم أُتي عن يمينه، فلا يوجد شيء، ثم أُتي عن شماله، فلا يوجد شيء، ثم أُتي من قبل رجليه فلا يوجد شيء، فيُقال له: اجلس، فيجلس خائفاً مرعوباً، فيقال له: أرأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم ماذا تقول فيه؟ وماذا تشهد به عليه؟ فيقول: أي رجل؟ فيقال: الذي كان فيكم، فلا يهتدي لاسمه حتى يقال له: محمد، فيقول: ما أدري سمعت الناس قالوا قولاً، فقلت كما قال الناس، فيُقال له: على ذلك حييت، وعلى ذلك مت، وعلى ذلك تبعث إن شاء الله، ثم يفتح له باب من أبواب

النار فيُقال له: هذا مقعدك من النار، وما أعد الله لك فيها، فيزداد حسرة وثبوراً، ثم يفتح له باب من أبواب الجنة، فيُقال له: ذلك مقعدك من الجنة، وما أعد الله لك فيه لو أطعته فيزداد حسرة وثبوراً، ثم يُضيَّقُ عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، فتلك المعيشة الضنكة التي قال الله: {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القيامة أَعْمَى (٢)} (٣).


(١) سورة إبراهيم، الآية: ٢٧.
(٢) سورة طه، الآية: ١٢٤.
(٣) أخرجه ابن حبان في صحيحه، في كتاب الجنائز، فصل في أحوال الميت في قبره، ٧/ ٣٨٠، برقم ٣١١٣، وقال شعيب الأرنؤوط: ((إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو، وهو ابن علقمة بن وقاص الليثي)). وأخرجه عبد الرزاق (٦٧٠٣)،وابن أبي شيبة ٣/ ٣٨٣ - ٣٨٤،وهناد بن السري في ((الزهد)) (٣٣٨)، والطبري في ((جامع البيان)) ١٣/ ٢١٥ - ٢١٦،والحاكم،١/ ٣٧٩ - ٣٨٠ و٣٨٠ - ٣٨١، والبيهقي في ((الاعتقاد)) ص٢٢٠ - ٢٢٢،وفي ((إثبات عذاب القبر)) (٦٧) من طرق عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. وذكره الهيثمي في ((المجمع)) ٣/ ٥١ - ٥٢ وقال: رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن.
وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) ٥/ ٣١ - ٣٢، وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن مردويه.

<<  <  ج: ص:  >  >>