للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي يده كتابان، فقال: ((أتدرون ما هذان الكتابان) فقلنا: لا يا رسول الله! إلا أن تخبرنا، فقال للذي في يده اليمنى: ((هذا كتاب

من رب العالمين فيه أسماء أهل الجنة، وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثم أُجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم، ولا ينقص منهم أبداً)). ثم قال للذي في شماله: ((هذا كتاب من رب العالمين، فيه أسماء أهل النار، وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثم أجمل على آخرهم، فلا يزاد فيهم، ولا ينقص منهم أبداً)) فقال أصحابه: ففيمَ العمل يا رسول الله! إن كان أمرٌ قد فُرِغَ منه؟ فقال: ((سدّدوا وقارِبوا، فإن صاحب الجنة يُختم له بعمل أهل الجنة، وإن عمل أيَّ عمل، وإن صاحب النار يُختَمُ له بعمل أهل النار، وإن عمل أيَّ عمل)) ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيديه فنبذهما ثم قال: ((فرغ ربكم من العباد: فريق في الجنة وفريق في السعير)) (١).

وحديث ابن الديلمي، قال: وقع في نفسي شيء من هذا القدر (٢)، خشيت أن يفسد عليَّ ديني وأمري، فأتيت أُبي بن كعب فقلت: أبا المنذر! إنه قد وقع في قلبي شيء من هذا القدر؛ فخشيت على ديني وأمري، فحدثني من ذلك بشيء، لعل الله أن ينفعني به، فقال: لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته خيراً لهم من أعمالهم، ولو كان لك مثل جبل أحد ذهباً، أو مثل جبل أحد تنفقه في سبيل الله ما قُبِلَ منك حتى تؤمن بالقدر، فتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأنك إن مت على غير هذا دخلت النار، ولا عليك أن تأتي


(١) الترمذي، كتاب القدر، باب ما جاء أن الله كتب كتاباً لأهل الجنة وأهل النار، برقم ٢١٤١، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي، ٢/ ٤٤٥، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم ٤٤٨، وغيرهما، والحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند أيضاً، ٢/ ١٦٧.
(٢) ((شيء من هذا القدر)) أي: جل هذا القدر، أي: القول به، يريد أنه وقع في نفسه من الشبه لأجل القول بالقدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>