للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا فيه التنبيه على الجمع بين الرجاء والخوف، فإذا خاف فلا يقنط ولا ييأس بل يرجو رحمة الله (١).

وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على شاب وهو في الموت فقال: ((كيف تجدك؟)) قال: أرجو الله يا رسول الله، وأخاف ذنوبي. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو، وآمنه مما يخاف)) (٢).

فينبغي للمسلم أن يكون بين الرجاء والخوف، وقد ذكر بعض علماء نجد أنه يغلّب في الصحة جانب الخوف؛ لأنه إذا غلَّب الرجاء على الخوف فسد القلب، أما في حالة المرض فيغلّب الرجاء، لكن مع الجمع بين الرجاء والخوف في جميع الأحوال (٣).

ولابد أن يكون الرجاء والخوف مع المحبة الكاملة؛ قال الحافظ ابن رجب - رحمه الله -: ((وكان بعض السلف يقول: من عبد الله بالرجاء وحده فهو مرجئ، ومن عبده بالخوف وحده فهو حَروريٌّ، ومن عبده بالحب وحده فهو زِنديقٌ، ومن عبده بالخوف والرجاء والمحبة فهو موحّد مؤمن، وسبب هذا أنه يجب على المؤمن أن يعبد الله بهذه الوجوه الثلاثة: المحبة, والخوف، والرجاء، ولابد له من جميعها، ومن أخل ببعضها فقد أخل ببعض واجبات الإيمان)) (٤)، وكلام بعض الحكماء يدل على أن


(١) انظر: فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد، للعلامة عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب، ٢/ ٦٠١.
(٢) الترمذي، كتاب الجنائز: باب حدثنا عبد الله بن أبي زياد، ٣/ ٣٠٢، برقم ٩٨٣، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب ذكر الموت والاستعداد له، ٢/ ١٤٢٣ برقم ٤٢٦١، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم ١٠٥١.
(٣) انظر: فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد، لعبد الرحمن بن حسن، ٢/ ٦٠٢، وتيسير العزيز الحميد، لسليمان بن محمد بن عبد الله بن عبد الوهاب، ص٥١١.
(٤) التخويف من النار والتعريف بحال دار البوار، للحافظ أبي الفرج زين الدين عبد الرحمن بن أحمدبن رجب، ص٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>