للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المشركين، إن صلاتي ونسكي، ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعاً؛ إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله بيديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك)) (١).

فقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((والشر ليس إليك)) يبين أن الله - عز وجل - منزه عن الشر، وكل ما نسب إليه فهو خير، والشر إنما صار شرّاً، لانقطاع نسبته إليه، فلو أضيف إليه لم يكن شرّاً.

وهو - سبحانه وتعالى - خالق الخير والشر، فالشر في بعض مخلوقاته لا في خلقه وفعله. وخلقه وفعله، وقضاؤه خير كله، فالقدر من حيث نسبته إلى الله لا شر فيه بوجه من الوجوه؛ لأنه علم الله، وكتابته، ومشيئته، وخلقه وذلك خير محض وكمال من كل وجه، فالشر ليس إلى الرب بوجه من الوجوه: لا في ذاته، ولا في أسمائه، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وإنما الشر يدخل في بعض مخلوقاته فالشر في المقضي لا في القضاء (٢).

فالإيمان بالقدر خيره وشره يراد به المقدور خيره وشره.

وقد يكون المقدور خيراً بالنسبة إلى محل، وشرّاً بالنسبة إلى محل آخر، وإن لم يعلم جهة الخير فيها كثير من الناس، مثال ذلك القصاص؛ وإقامة الحدود؛ فإن ذلك شر بالنسبة إليهم لا من كل وجه بل من وجه دون وجه، وخير بالنسبة إلى غيرهم؛ لما فيه من مصلحة الزجر، وكذلك


(١) مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعائه بالليل، برقم ٧٧١.
(٢) انظر: شفاء العليل، لابن القيم،٢/ ٥٠٩ - ٥٣٦،والإيمان بالقضاء والقدر، لمحمد بن إبراهيم الحمد، ص١٠٥ - ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>