للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى يأتي بالمخرج مما قال)) (١).

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: لما حضر أحدٌ دعاني أبي من الليل فقال: ما أراني إلا مقتولاً في أول من يقتل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإني لا أترك بعدي أعزَّ عليَّ منك غير نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن عليَّ ديناً فاقضِ واستوصِ بأخواتك خيراً، فأصبحنا فكان أول قتيل، ودفن معه آخر في قبرٍ ثم لم تطب نفسي أن أتركه مع الآخر فاستخرجته بعد ستة أشهر فإذ هو كيوم وضعته هنيّةً غير أذنه [فجعلته في قبر على حدة] (٢).

ويستعجل في مثل هذه الوصية الواجبة في الحقوق التي تلزمه: كالحج إن لم يحج، والدَّين، والنذر، والكفَّارات، والودائع وغير ذلك؛ فإنه يلزمه أن يوصي بهذه الحقوق (٣)؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت لليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)) (٤).

والمعنى ما الحزم والاحتياط للمسلم إلا أن تكون وصيته مكتوبة عنده إذا كان له شيء يريد أن يوصي فيه؛ لأنه لا يدري متى تأتيه المنية فتحول بينه وبين ما يريد من ذلك (٥)؛ ولهذا قال ابن عمر رضي الله عنهما: ((ما مرت عليَّ ليلة منذ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك إلا وعندي وصيتي)) (٦).


(١) الحاكم وصححه ووافقه الذهبي،١/ ٢٧،وصححه الألباني في أحكام الجنائز، ص١٣.
(٢) البخاري، كتاب الجنائز، باب هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة، برقم ١٣٥١، وما بين المعقوفين من الطرف رقم ١٣٥٢.
(٣) انظر: الاستذكار لابن عبد البر، ٢٣/ ٧، وشرح النووي على صحيح مسلم، ١١/ ٨٤، وفتح الباري، لابن حجر، ٥/ ٣٩٥، وشرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك، ٧/ ٧٤، وقال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار، ٤/ ٦١: ((وعرف من مجموع ما ذكرنا أن الوصية قد تكون واجبة، وقد تكون مستحبة)).
(٤) مسلم، كتاب الوصية، برقم ١٦٢٧.
(٥) انظر: فقه الدعوة في صحيح البخاري، للمؤلف، ١/ ٥٠.
(٦) مسلم، برقم ٤ - (١٦٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>