للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن لا يَرحم لا يُرحم)) (١).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((هذا الحديث يفسّر البكاء المباح، والحزن الجائز، وهو ما كان بدمع العين، ورقة القلب من غير سخط لأمر الله، وهو أبين شيء وقع في هذا المعنى، وفيه مشروعية تقبيل الولد وشمه، ومشروعية الرضاع، وعيادة الصغير، والحضور عند المحتضر، ورحمة العيال، وجواز الإخبار عن الحزن وإن كان الكتمان أولى، وفيه وقوع الخطاب للغير وإرادة غيره بذلك، وكل منهما مأخوذ من مخاطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولده مع أنه في تلك الحالة لم يكن ممن يفهم الخطاب لوجهين: أحدهما: صغره، والثاني نزاعه. وإنما أراد بالخطاب غيره من الحاضرين إشارة إلى أن ذلك لم يدخل في نهيه السابق، وفيه جواز الاعتراض على من خالف فعله ظاهر قوله؛ ليظهر الفرق)) (٢).

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: ((اشتكى سعد بن عبادة شكوى له

فأتاه النبي [- صلى الله عليه وسلم -] يعوده مع عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهم -، فلما دخل عليه فوجده في غاشية أهله (٣) فقال: ((قد قضى؟)) قالوا: لا يا رسول الله، فبكى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما رأى القوم بكاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بَكَوْا، فقال: ((ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذّبُ بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا (٤) - وأشار إلى لسانه - أو يرحم (٥)، وإن الميت يعذَّب ببكاء أهله عليه)) (٦)، وكان عمر - رضي الله عنه - يضرب فيه


(١) فتح الباري لابن حجر، ٣/ ١٧٤.
(٢) فتح الباري، لابن حجر، ٣/ ١٧٤.
(٣) في غاشية أهله: أي الذين يغشونه للخدمة وغيرها. فتح الباري لابن حجر،٣/ ١٧٥.
(٤) ولكن يعذب بهذا: أي إن قال سوءاً. فتح الباري لابن حجر، ٣/ ١٧٥.
(٥) أو يرحم: أي إن قال خيراًً. فتح الباري لابن حجر، ٣/ ١٧٥.
(٦) يعذب ببكاء أهله عليه: البكاء المحرم على الميت هو النوح، والندب بما ليس فيه، والبكاء المقرون بهما أو بأحدهما، شرح النووي على صحيح مسلم، ٦/ ٤٨٠. وانظر فتح الباري لابن حجر، ٣/ ١٥٣ - ١٦٠، وشرح النووي، ٦/ ٤٨٢ - ٤٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>