للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متعلمٌ)) (١)، وهذا يؤكد أن الدنيا مذمومة، مبغوضة من الله وما فيها، مبعدة من رحمة الله إلا ما كان طاعة لله - عز وجل -؛ ولِهوانها على الله - عز وجل - لم يبلّغ رسوله - صلى الله عليه وسلم - فيها وهو أحب الخلق إليه.

١٦ - فقد مات ودرعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعاً من شعير (٢).

وقوله: ((وما والاه)) أي ما يحبه الله من أعمال البر، وأفعال القرب، وهذا يحتوي على جميع الخيرات، والفاضلات، ومستحسنات الشرع، وقوله: ((وعالم أو متعلم)) العالم والمتعلم: العلماء بالله، الجامعون بين العلم والعمل، فيخرج منه الجهلاء، والعالم الذي لم يعمل بعلمه، ومن يعلم علم الفضول، وما لا يتعلق بالدين. والرفع في ((عالم أو متعلم)) على التأويل: كأنه قيل: الدنيا مذمومة لا يحمدُ مما فيها ((إلا ذكر الله وما والاه، وعالم أو متعلم)) (٣)، فإذا رأى العاقل من ينافسه في الدنيا فعليه

أن ينصحه ويحذره وينافسه في الآخرة (٤).

١٧ - وفي قصة أبي عبيدة - رضي الله عنه - عندما قدم بمال من البحرين فجاءت الأنصار وحضروا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح، فلمَّا صلى بهم الفجر، تعرَّضوا له، فتبسَّم حين رآهم وقال: ((أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء بشيء؟)) قالوا: أجل يا رسول الله، قال: ((فأبشروا، وأمّلوا ما يسرُّكم، فوالله لا الفقرَ أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تُبسط عليكم الدنيا كما بُسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها


(١) الترمذي، بلفظه، كتاب الزهد، بابٌ: حدثنا محمد بن حاتم، برقم ٢٣٢٢، وحسنه، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب مثل الدنيا، برقم ٤١١٢، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، برقم ٣٢٤٤.
(٢) انظر: البخاري، كتاب البيوع، باب شراء الطعام إلى أجل، برقم ٢٢٠٠، ومسلم، كتاب المساقاة، باب الرهن وجوازه في الحضر والسفر، برقم ١٦٠٣.
(٣) انظر: شرح الطيبي على مشكاة المصابيح، ١٠/ ٣٢٨٤ - ٣٢٨٥، ومرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للملا على القاري، ٩/ ٣١، وتحفة الأحوذي للمباركفوري، ٦/ ٦١٣.
(٤) فقه الدعوة للمؤلف، ٢/ ١٠٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>