للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبطحاء في هذا الحديث: هو الحصى الصغار، ويقال: بطحاء الوادي وأبطحه: هو حصاه اللين في بطن المسيل (١)، وقوله: ((ولا لاطئة)) يقال: لطئ بالأرض ولطأ بها إذا لزق)) (٢)، قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((والمشرف ما رفع كثيراً)) (٣)، وقال رحمه الله: ((ويرفع القبر عن الأرض قدر شبر؛ ليعلم أنه قبر، فيتوقى، ويترحم على صاحبه)) (٤)، وقد جاء آثار كثير تدل على وضع الحصباء على القبور، ومن ذلك ما رواه جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رشَّ على قبر إبراهيم ابنه الماء ووضع عليه حصباء)) (٥)، وغير ذلك من الآثار (٦).

ولا منافاة بين التسنيم للقبر وبين قوله: مبطوح ببطحاء العرصة الحمراء، فبطحاء العرصة هو الحصباء الصغير؛ ولهذا جمع الإمام ابن القيم رحمه الله بين حديث سفيان التمار في قوله: ((إنه رأى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - مسنماً) وحديث القاسم: ((لا مشرفة ولا لاطئة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء)) فقد جمع بين الحديثين فقال: ((وقبره - صلى الله عليه وسلم - مسنم مبطوح ببطحاء العرصة الحمراء لا مبني ولا مطيَّن، وهكذا كان قبر صاحبيه)) (٧).

وسمعت شيخنا ابن باز رحمه الله يقول في الجمع بين الحديثين: ((السنة أن يكون القبر مسنماً، وحديث عائشة رضي الله عنها لا ينافي ذلك، فهو يكون مسنماً حتى يرد عنه الماء وتوضع عليه حصباء ويرش)) (٨).


(١) النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير، ١/ ١٣٤.
(٢) النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير، ٤/ ٢٤٩.
(٣) المغني، ٣/ ٤٣٦.
(٤) المغني، ٣/ ٤٣٥.
(٥) البيهقي،٣/ ٤١١،وقال الألباني في إرواء الغليل،٣/ ٢٠٦: ((وهذا سند صحيح مرسل)).
(٦) انظر: سنن البيهقي، ٣/ ٤١١، كتاب الجنائز، باب رش الماء على القبر ووضع الحصباء عليه، وإرواء الغليل للألباني، ٣/ ٢٠٥ - ٥٠٦.
(٧) زاد المعاد، ١/ ٥٢٤.
(٨) سمعته أثناء تقريره على منتقى الأخبار، الحديث رقم ١٩٠٠، ١٩٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>