للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما خشوع النفاق، فيبدو على الجوارح تصنُّعاً وتكلُّفاً، والقلب غير خاشع، وكان بعض الصحابة يقول: أعوذ بالله من خشوع النفاق، قيل له: وما خشوع النفاق؟ قال: أن يُرى الجسد خاشعاً، والقلب غير خاشع، فالخاشع لله عبد قد خمدت نيران شهوته، وسكن دخانها عن صدره، فانجلى الصدر، وأشرق فيه نور العظمة، فماتت شهوات النفس للخوف والوقار الذي حُشِيَ به، وخمدت الجوارح، وتوقّر القلب، واطمأنّ إلى الله وذكره بالسكينة التي نزلت عليه من ربه، فصار مُخبِتاً له، والمخبت (١) المطمئنّ، فإن الخبت من الأرض ما اطمأنّ (٢) فاستنقع فيه الماء.

فكذلك القلب المخبت قد خشع واطمأن (٣) كالبقعة المطمئنة من الأرض التي يجري إليها الماء فيستقر فيها، وعلامته أن يسجد بين يدي ربه - إجلالاً، وذُلاًّ، وانكساراً بين يديه - سجدة، لا يرفع رأسه عنها حتى يلقاه ... فهذا خشوع الإيمان.

وأما التماوت، وخشوع النفاق، فهو حال عبد تكلَّف إسكان الجوارح تَصنُّعاً، ومراعاة، ونفسه في الباطن شابة طرية ذات شهوات، وإرادات، فهو يتخشع (٤) في الظاهر، وحية الوادي، وأسد الغابة رابض بين جنبيه ينتظر الفريسة)) (٥).


(١) انظر: مفردات غريب القرآن للراغب، ص ١٤١.
(٢) وفي مخطوطة: (ما تطامن).
(٣) وفي بعض المخطوطات: (ما تطامن).
(٤) وفي مخطوطة: (متخشع).
(٥) كتاب الروح لابن القيم، تحقيق د. بسام علي سلامة العموش، الطبعة الأولى ١٤٠٦هـ، نشر دار ابن تيمية، المملكة العربية السعودية، الرياض، ٢/ ٦٩٤ - ٦٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>