للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((وذلك يقتضي أنه لا يرثها غيرهم، وقد دلَّ هذا على وجوب هذه الخصال، إذ لو كان فيها ما يستحب لكانت جنة الفردوس تورث بدونها؛ لأن الجنة تنال بفعل الواجبات دون المستحبات؛ ولهذا لم يذكر في هذه الخصال إلا ما هو واجب، وإذا كان الخشوع في الصلاة واجباً، فالخشوع يتضمن السكينة، والتواضع جميعاً ... ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في حال ركوعه: ((اللهم لك ركعتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ، خشع لك سمعي وبصري، ومُخّي، وعظمي، وعصبي)) (١)، فوصف نفسه بالخشوع في حال الركوع؛ لأن الراكع ساكن متواضع ... )) (٢).

وقد جاء في تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} أقوال: فقيل: ((خائفون ساكنون) وقيل: ((الخشوع في القلب) وقيل: ((الخشوع: الرهبة لله) وقيل: ((الخشوع في القلب، وأن يلين كنفه للمرء المسلم، وأن لا تلتفت في صلاتك، والخوف، وغض البصر في الصلاة، وخفضه وسكونه ضد تقليبه في الجهات، ومن ذلك خشوع الصوت (٣).

فإذا كان الخشوع في الصلاة واجباً، وهو متضمن للسكون والخشوع، فمن نقر نقر الغراب لم يخشع في سجوده، وكذلك من لم يرفع رأسه من الركوع ويستقر قبل أن ينخفض، لم يسكن؛ لأن السكون هو الطمأنينة بعينها، فمن لم يطمئن لم يسكن، ومن لم يسكن لم يخشع في ركوعه، ولا في سجوده، ومن لم يخشع كان آثماً عاصياً (٤).


(١) مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، برقم ٧٧١.
(٢) فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ٢٢/ ٥٥٤.
(٣) ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى، ٢٢/ ٥٥٤ - ٥٥٨.
(٤) انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، ٢٢/ ٥٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>