للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - ترك الذنوب والتوبة منها؛ فإن كثرة الذنوب من أعظم أسباب قساوة القلوب، والحذر منها والابتعاد عنها من أعظم أسباب السلامة، قال الله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (١)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ: عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا، فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا (٢) كَالْكُوزِ مُجَخّيًا (٣) لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ)) (٤).

قال الإمام ابن المبارك رحمه الله:

رأيتُ الذنوب تُميت القلوب ... ويُورث الذُّلُّ إدمانها

وترك الذنوب حياة القلوب ... وخير لنفسك عصيانها (٥)

قال عبد الله بن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: ((إن للحسنة: ضياءً في الوجه، ونوراً في القلب، وسعةً في الرزق، وقوةً في البدن، ومحبة في قلوب الخلق، وإنّ للسيئة: سواداً في الوجه، وظلمة في القلب، ووهناً في البدن، ونقصاً في الرزق، وبغضةً في قلوب الخلق)) (٦).

وقد ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله: أن القلب يفسد بأمور: التعلق


(١) سورة المطففين، الآية: ١٤.
(٢) أسود مربادّ: شبه البياض في سواد، [شرح النووي، ٢/ ٥٣٢].
(٣) الكوز مجخيا: منكوساً، نكس حتى لا يعلق به خير ولا حكمة [شرح النووي، ٢/ ٥٣١].
(٤) مسلم، كتاب الإيمان، باب رفع الأمانة والإيمان من بعض القلوب وعرض الفتن على القلوب، برقم ١٤٤.
(٥) ديوان عبد الله بن المبارك، ص ٢٦، وشعب الإيمان للبيهقي، ٥/ ٤٦٤، وجامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر، ١/ ٣٢٧، وحلية الأولياء لأبي نعيم، ٨/ ٢٧٩.
(٦) الجواب الكافي لابن القيم، ص١٠٥ - ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>