للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبكي ويقول: ((لست من العالمين)) (١)،ولابد لمن تدبر القرآن أن يجاهد بقلبه وفكره؛ لينال هذا العلم العظيم، وقد قال يحيى بن أبي كثير: ((لا يُنال العلم براحة الجسم)) (٢)، ولا ينال العلم إلا بهجر اللذات وتطليق الراحة، ولا ينال درجة وراثة النبوة مع الراحة (٣).

ولا شك أن التأمل في القرآن هو: تحديد ناظر القلب إلى معانيه وجمع الفكر على تبصره، وتَعقُّله، وهو المقصود بإنزاله، لا مجرد تلاوته بلا فهم، قال الله تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَاب} (٤)،وقال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُون} (٥).

وينبغي للإنسان أن يبتعد عن مفسدات القلب الخمسة التي تحول بينه وبين التدبر، وتحول بينه وبين كل خير، وهي: التمنّي، وخلطة الناس، والتعلق بغير الله تعالى، وكثرة الطعام أو المحرمات، وكثرة النوم؛ فإنها مفسدات للقلوب (٦).

والتدبر للقرآن والعمل به هو المقصود من إنزاله.

ولهذا قيل: ذهاب الإسلام على يدي أربعة أصناف من الناس: صنف لا يعملون بما يعلمون، وصنف يعملون بما لا يعلمون، وصنف لا يعملون ولا


(١) مفتاح دار السعادة، لابن القيم، ١/ ٢٢٦.
(٢) صحيح مسلم، برقم ١٧٥ - (٦١٢) ..
(٣) ابن القيم، في مفتاح دار السعادة، ١/ ٤٤٦.
(٤) سورة ص، الآية: ٢٩.
(٥) سورة الزخرف، الآية: ٣.
(٦) انظر: مدارج السالكين لابن القيم، ١/ ٤٥١ - ٤٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>