للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضل عظيم نسأل الله أن يتقبّل، ومجالس العلم أعظم من مجالس التسبيح)) (١).

وعن أبي واقد الليثي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينما هو جالس في المسجد والناس معه، فأقبل ثلاثة نفر، فأقبل اثنان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذهب واحد، قال: فوقفا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأما أحدهما فرأى فُرْجة في الحلقة فجلس فيها، وأما الآخر فجلس خلفهم، وأما الثالث فأدبر ذاهباً، فلما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ألا أخبركم عن النفر الثلاثة: أما أحدهم فآوى إلى الله فآواه الله، وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه)) (٢).

وهذا الحديث فيه فوائد عظيمة، منها: جواز الإخبار عن أهل المعاصي، وأحوالهم للزجر عنها، وأن ذلك لا يعد من الغيبة، وفيه فضل ملازمة حلق العلم والذكر، وجلوس العالم والمذكّر في المسجد، وفيه: الثناء على المستحي، والجلوس حيث ينتهي به المجلس (٣)، وسمعت الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول: ((وهذا يدل على أن العالم ينبغي له أن يكون له في مسجده حلقات، حتى يستفيد الناس، وفيه أن الطالب يشرع له أن يدخل في فرج الحلقات، وحضورها، والأولى الانضمام في الحلقة والدخول فيها)) (٤). وسمعته أيضاً يقول: ((وهذا فيه الحرص على حلقات العلم، والقرب من المحدث، ويخشى على من يخرج من المواعظ أن يدخل في الإعراض)) (٥).

وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونحن في الصّفّة (٦)


(١) سمعته أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم ٦٤٠٨.
(٢) البخاري، كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم ٤٧٤، وكتاب العلم، باب من قعد حيث ينتهي به المجلس ومن رأى فرجة في الحلقة فجلس فيها، برقم ٦٦.
(٣) انظر: فتح الباري لابن حجر، ١/ ١٥٧.
(٤) سمعته أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم ٦٦.
(٥) سمعته أثناء تقريره على الحديث رقم ٤٧٤ من صحيح البخاري.
(٦) الصفة: سقيفة كانت في المسجد، يأوي إليها الفقراء. المفهم للقرطبي، ٢/ ٤٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>