للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دحضت الشمس (١) فلا يقيم حتى يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا خرج أقام الصلاة حين يراه)) (٢). ويجمع بين هذا الحديث وحديث أبي قتادة السابق أن بلالاً - رضي الله عنه - كان يراقب خروج النبي - صلى الله عليه وسلم -،فيراه أول خروجه قبل أن يراه غيره أو إلا القليل، فعند أول خروجه - صلى الله عليه وسلم - يقيم بلال ولا يقوم الناس حتى يروا النبي - صلى الله عليه وسلم -،ثم لا يقوم الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى يُعدّلوا صفوفهم (٣).قال الإمام القرطبي -رحمه الله تعالى - بعد أن ذكر هذا الجمع: ((وبهذا الترتيب يصحّ الجمع بين الأحاديث المتعارضة في هذا المعنى)) (٤).

وأما حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: ((أن الصلاة كانت تقام لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيأخذ الناس مصافّهم قبل أن يقوم النبي - صلى الله عليه وسلم - مقامه)) (٥) فقال الإمام النووي - رحمه الله - عنه: ((وقوله في رواية أبي هريرة - رضي الله عنه -: فأخذ الناس مصافهم قبل خروجه: لعله كان مرة أو مرتين ونحوهما لبيان الجواز، أو لعذر، ولعل قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((فلا تقوموا حتى تروني)) كان بعد ذلك، قال العلماء: ((والنهي عن القيام قبل أن يروه؛ لئلا يطول عليهم القيام؛ ولأنه قد يعرض له عارض فيتأخر بسببه)) (٦).

وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى - عن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: (( ... يجمع بينه وبين حديث أبي قتادة بأن ذلك ربما وقع لبيان الجواز، وبأن صنيعهم في حديث أبي هريرة كان سبب النهي عن ذلك في حديث أبي


(١) إذا دحضت الشمس: أي إذا زالت عن كبد السماء، وأصل الدحض: الزلق. المفهم لِمَا أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، ٢/ ٢٢٢.
(٢) مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب متى يقوم الناس للصلاة، برقم ٦٠٦.
(٣) انظر: المفهم لِمَا أشكل من تلخيص كتاب مسلم،٢/ ٢٢٢،وشرح النووي على صحيح مسلم،٥/ ١٠٦.
(٤) المفهم لِمَا أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ٢/ ٢٢٢.
(٥) متفق عليه واللفظ لمسلم، البخاري، كتاب الأذان، باب متى يقوم الناس إذا رأوا الإمام عند الإقامة، برقم ٦٣٩، ومسلم، كتاب المساجد، باب متى يقوم الناس للصلاة، برقم ٦٠٥.
(٦) شرح النووي على صحيح مسلم، ٥/ ١٠٦،وانظر: بدائع الفوائد، لابن القيم، ٣/ ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>