للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقول الجمهور وهو أنَّ ما يُعدُّ سفرًا هو يومين قاصدين (١)، أما البريد والفراسخ الثلاثة فلا تعد عندهم سفرًا، فلو عمل الإنسان بهذا القول فهذا حسن من باب الاحتياط؛ لئلا يتساهل الناس فيصلوا قصرًا فيما لا ينبغي لهم ذلك؛ لكثرة الجهل، وقلة البصيرة، ولا سيما عند وجود السيارات؛ فإن هذا قد يفضي إلى التساهل حتى يفطر في ضواحي البلد، واليومان هما سبعون كيلو أو ثمانون كيلو تقريبًا)) (٢).

وقال شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله تعالى: ((وقال بعض أهل العلم إنه يحدد بالعُرف ولا يحدد بالمسافة المقدرة بالكيلوات، فما يُعدُّ سفرًا في العُرف يسمى سفرًا، وما لا فلا (٣)، والصواب ما قرره جمهور أهل


(١) اليومان القاصدان هما أربعة برد، والبريد مسيرة نصف يوم، ومعنى القاصدين: أي لا يسير فيها الإنسان ليلاً ونهارًا سيرًا بحتًا، ولا يكون كثير النزول والإقامة، والبريد قدروه بأربعة فراسخ، فتكون أربعة برد ستة عشر فرسخًا، والفرسخ قدروه بثلاثة أميال، فتكون ثمانية وأربعين ميلاً، والميل المعروف ألف وستمائة متر، فتكون الأربعة برد =٧٦.٨ كيلو تقريبًا، وقيل: ٨٠.٦٤ كيلو، وقيل: ٧٢، قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: والميل المعروف = كيلو وستين في المائة. انظر: الشرح الممتع،٤/ ٤٩٦، تيسير العلام للبسام،١/ ٢٧٣،والفتح الرباني للبنا، ٥/ ١٠٨.
(٢) واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما تقدم أنه لا حدّ للسفر بالمسافة بل كل ما يعد سفرًا يتزود له ويبرز للصحراء فهو سفر، ورجحه العلامة ابن عثيمين، بل واختاره ابن قدامة في المغني. انظر: المغني لابن قدامة، ٣/ ١٠٩، ومجموع فتاوى ابن تيمية،٢٤/ ١١ - ١٣٥،ومجموع فتاوى ابن عثيمين،١٥/ ٢٥٢ - ٤٥١، والاختيارات للسعدي، ص٦٥.
(٣) ذكر ابن تيمية رحمه الله: أن حد السفر الذي علق عليه الشارع الفطر، والقصر اضطرب الناس فيه، فقيل: ثلاثة أيام، وقيل يومين، وقيل أقل من ذلك، حتى قيل: ميل، والذين حددوا ذلك بالمسافة، منهم من قال: ثمانية وأربعون ميلاً، ومنهم من قال: ستة وأربعون، وقيل: خمسة وأربعون، وقيل: أربعون، فالذين قالوا ثلاثة أيام، احتجوا بحديث يمسح المسافر ثلاثة أيام، وحديث لا تسافر المرأة مسيرة ثلاثة أيام إلا ومعها ذو محرم ... والذين قالوا: يومين اعتمدوا على قول ابن عمر وابن عباس. مجموع الفتاوى، ٢٤/ ٣٨ - ٤٠. وذكر ابن تيمية أيضًا أن ابن حزم قال: ((لم نجد أحدًا يقصر في أقل من ميل)). فتاوى ابن تيمية، ٢٤/ ٤١.
وعن أنس - رضي الله عنه - قال: ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو فراسخ صلى ركعتين)) مسلم، في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة المسافرين وقصرها، برقم ٦٩١، وقوله: ((ثلاثة أميال أو فراسخ)) شك من الراوي، وقال الظاهرية: مسافة القصر ثلاثة أميال، وأجيب عليهم بأنه مشكوك فيه فلا يحتج به على الثلاثة الأميال، نعم يحتج به على التحديد بالثلاثة الفراسخ إذ يحتج به على الثلاثة الأميال، نعم يحتج به على التحديد بالثلاثة الفراسخ إذ الأميال داخلة فيها فيؤخذ بالأكثر احتياطًا. انظر: فتح الباري لابن حجر، ٢/ ٥٦٧، وسبل السلام للصنعاني، ٣/ ١٣٤، وسمعت هذا المعنى من شيخنا ابن باز أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم ٤٥٧. وقال ابن قدامة في المغني، ٣/ ١٠٨: ((يحتمل أنه أراد إذا سافر سفرًا طويلاً قصر إذا بلغ ثلاثة أميال، كما قال في لفظه الآخر ((إن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بالمدينة أربعًا وبذي الحليفة ركعتين)) وقال الصنعاني في سبل السلام،٣/ ١٣٣: ((المراد من قوله إذا خرج: إذا كان قصده مسافة هذا القدر لا أن المراد أنه كان إذا أراد سفرًا طويلاً فلا يقصر إلا بعد هذه المسافة)).

<<  <  ج: ص:  >  >>