للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجمع بين صلاة المغرب والعشاء في السفر)) (١).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((أورد فيه ثلاثة أحاديث (٢): حديث ابن عمر وهو مقيد بما إذا جد السير، وحديث ابن عباس، وهو مقيد بما إذا كان سائرًا، وحديث أنس وهو مطلق، واستعمل المصنف الترجمة مطلقة إشارة إلى العمل بالمطلق؛ لأن القيد فرد من أفراده، وكأنه رأى جواز الجمع بالسفر: سواء كان سائرًا، أم لا، وسواء كان سيره مُجدًّا أم لا)) (٣) وعلى ذلك كثير من الصحابة - رضي الله عنهم - (٤)، وهو الذي تدل عليه الأحاديث الصحيحة الصريحة (٥)، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان النبي


(١) البخاري، كتاب تقصير الصلاة، باب الجمع في السفر بين المغرب والعشاء، برقم ١١٠٨.
(٢) يعني البخاري رحمه الله في قوله: ((باب الجمع في السفر بين المغرب والعشاء)).
(٣) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٢/ ٥٨٠.
(٤) اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في الجمع بين الصلاتين في السفر على أقوال:
١ - جواز الجمع مطلقًا في السفر في قول أكثر أهل العلم في وقت إحدى الصلاتين: الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء، وعليه كثير من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكثير من التابعين، ومن الفقهاء: الثوري، والشافعي، وأحمد، ومالك.
٢ - ومذهب أبي حنيفة لا يجوز الجمع إلا في يوم عرفة بعرفة، وليلة مزدلفة بها.
٣ - وقيل يجوز جمع التأخير فقط وهو رواية عن أحمد، ومالك، واختاره ابن حزم.
والصواب الذي تدل عليه الأدلة الصحيحة الصريحة هو القول الأول. انظر: المغني لابن قدامة، ٣/ ١٢٧، والشرح الكبير المطبوع مع المقنع والإنصاف، ٥/ ٨٥، وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ٢٤/ ٢٢، وفتح الباري لابن حجر، ٢/ ٥٨٠، وشرح النووي على صحيح مسلم،
٥/ ٢٢٠، والإعلام بفوائد عمدة الأحكام لابن الملقن، ٤/ ٧١.
(٥) قرَّر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن فعل كل صلاة في وقتها قصرًا أفضل في السفر إذا لم يكن به حاجة إلى الجمع؛ فإن غالب صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي كان يصليها في السفر إنما يصليها في أوقاتها، وإنما كان الجمع منه مرات قليلة، أما الجمع في عرفة ومزدلفة، فمتفق عليه ومنقول بالتواتر، وهو السنة، والجمع ليس كالقصر؛ فإن القصر سنة راتبة، وأما الجمع فإنه رخصة عارضة يختص بمحل الحاجة. انظر: فتاوى ابن تيمية، ٢٤/ ١٩، و٢٤/ ٢٣، ٢٧، وقال رحمه الله: ((ومن سوّى من العامة بين القصر والجمع فهو جاهل بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبأقوال علماء المسلمين)) مجموع الفتاوى، ٢٤/ ٢٧، وانظر: حاشية الروض المربع، لابن قاسم ٢/ ٣٩٦. وذكر المرداوي في الإنصاف المطبوع مع الشرح الكبير، ٥/ ٨٥: أن ترك الجمع أفضل على الصحيح من مذهب الحنابلة، وقيل: الجمع أفضل.
وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين: ((الصحيح أن الجمع سنة إذا وجد سببه؛ لوجهين: الوجه الأول: أنه من رخص الله - عز وجل -، والله سبحانه يحب أن تؤتى رخصه. الوجه الثاني: أن فيه اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه كان يجمع عند وجود السبب المبيح للجمع)) الشرح الممتع، ٤/ ٥٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>