للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت - ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس -: إننا لنجد في كتاب الله تعالى في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يصلي يسأل الله فيها شيئاً إلا قضى له حاجته. قال عبد الله: فأشار إليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أو بعض ساعة)) فقلت: صدقت، أو بعض ساعة. قلت: أي ساعة هي؟ قال: ((هي آخر ساعات النهار)) قلت: إنها ليست ساعة صلاة؟ قال: ((بلى، إن العبد المؤمن إذا صلى ثم جلس لا يحبسه إلا الصلاة فهو في صلاة)) (١)؛ ولحديث: ((التمسوا الساعة التي ترجى في يوم الجمعة بعد العصر إلى غيبوبة الشمس)) (٢)؛ ولحديث أبي سعيد، وأبي هريرة رضي الله عنهما (٣)، وحديث أبي هريرة عن عبد الله بن سلام من قوله، وفيه مناظرة أبي هريرة له في ذلك، واحتجاج عبد الله بن سلام بأن منتظر الصلاة في صلاة (٤)، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((وروى سعيد بن منصور بإسناد صحيح إلى أبي سلمة بن عبد الرحمن أن ناساً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اجتمعوا فتذاكروا ساعة الجمعة ثم افترقوا فلم يختلفوا أنها آخر ساعة من يوم الجمعة)) (٥)، والله الموفق (٦).


(١) ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في الساعة التي ترجى في الجمعة، برقم ١١٣٩،وقال العلامة الألباني في صحيح ابن ماجه،١/ ٣٣٧: ((حسن صحيح)) وكذلك في مشكاة المصابيح، برقم ١٣٥٩.
(٢) الترمذي، كتاب الجمعة، باب ما جاء في الساعة التي ترجى في يوم الجمعة، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي، ١/ ٢٧٧، وفي صحيح الترغيب، ١/ ٢٣٨.
(٣) أحمد في المسند، ٢/ ٢٧٢، ويشهد له حديث جابر السابق.
(٤) أبو داود، برقم ١٠٤٦،والترمذي، برقم ٤٩١، والنسائي، برقم ١٤٢٩، والإمام مالك في الموطأ، ١/ ١٨٢، ١٨٣، وصححه الألباني، وتقدم تخريجه في يوم الجمعة خير يوم طلعت عليه الشمس.
(٥) نقلاً عن فتح الباري لابن حجر، ٢/ ٤٢١، وزاد المعاد لابن القيم، ١/ ٣٩١.
(٦) وذكر الحافظ أن كثيراً من الأئمة رجحوا هذا القول كأحمد وإسحاق، ومن المالكية الطرطوشي، وحكى العلائي أن شيخه ابن الزملكاني شيخ الشافعية في وقته كان يختاره ويحكيه عن نص الشافعي، وأجابوا عن كونه ليس في أحد الصحيحين بأن الترجيح بما في الصحيحين أو أحدهما إنما هو حيث لا يكون مما انتقده الحفاظ: كحديث أبي موسى هذا فإنه أُعل بالانقطاع والاضطراب. أما الانقطاع؛ فلأن مخرمة لم يسمع من أبيه، قاله أحمد عن حماد بن خالد عن مخرمة نفسه، وكذا قال سعيد بن أبي مريم عن موسى بن سلمة عن مخرمة، وزاد إنما هي كتب كانت عندنا، وقال علي بن المديني: لم أسمع أحداً من أهل المدينة يقول عن مخرمة إنه قال في شيء من حديثه سمعت أبي، ولا يقال مسلم يكتفي في المعنعن بإمكان اللقاء مع المعاصرة، وهو كذلك هنا؛ لأنا نقول وجود التصريح عن مخرمة بأنه لم يسمع من أبيه كافٍ في دعوى الانقطاع. وأما الاضطراب فقد رواه أبو إسحاق وواصل الأحدب ومعاوية بن قرة وغيرهم عن أبي بردة من قوله، وهؤلاء من أهل الكوفة، وأبو بردة كوفي فهم أعلم بحديثه من بكير المدني، وهم عدد وهو واحد، وأيضاً فلو كان عن أبي بردة مرفوعاً لم يُفتِ فيه برأيه بخلاف المرفوع، ولهذا جزم الدارقطني بأن الموقوف هو الصواب)) فتح الباري، ٢/ ٤٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>