للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وآخر وقت الجمعة هو آخر وقت صلاة الظهر وهو أن يكون ظل الشيء كطوله بعد في الزوال، فإذا خرج وقت صلاة الظهر قبل إدراك

ركعة بعد أداء الواجب من الخطبتين صليت ظهراً؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة)) (١)، وهذا هو الصواب أنها لا تدرك إلا بإدراك ركعة (٢)، فإذا أدرك من الوقت ما يمكنه أن يخطب ثم يصلي ركعة فله أن يفعل ذلك (٣) وإلا صليت ظهراً (٤).


(١) متفق عليه: البخاري، برقم ٥٨٠،ومسلم، برقم ٦٠٧،وتقدم تخريجه في صلاة الجماعة.
(٢) وقيل: تدرك بإدراك تكبيرة الإحرام في الوقت، قال العلامة ابن عثيمين: ((الصحيح أن جميع الإدراكات لا تكون إلا بركعة؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة)) هذا منطوق الحديث، ومفهومه أن من لم يدرك ركعة لم يدرك الصلاة، وهذا عام في جميع الإدراكات. [الشرح الممتع، ٥/ ٤٣] وهو الذي اختاره الخرقي رحمه الله في مختصره قال: ((ومتى دخل وقت العصر وقد صلوا ركعة أتموا بركعة أخرى، وأجزأتهم جمعة)) انظر: مختصر الخرقي مع المغني ٣/ ١٩١، والشرح الكبير، ٥/ ١٩٠ - ١٩٣، والإنصاف، ٥/ ١٩٠.
(٣) المغني لابن قدامة، ٣/ ١٩٢.
(٤) اختلف العلماء بما تدرك به صلاة الجمعة في الوقت على النحو الآتي:
ظاهر كلام الخرقي أن الجمعة لا تدرك إلا بإدراك ركعة في وقتها. واختاره ابن قدامة.
وقال القاضي: متى دخل وقت العصر بعد إحرامه أتمها جمعة، ونحو هذا قال أبو الخطاب؛ لأنه أحرم بها في وقتها أشبه ما لو أتمها فيه.
والمنصوص عن أحمد أنه إذا دخل وقت العصر بعد تشهده وقبل سلامه سلم وأجزأته، وهذا قول أبي يوسف، ومحمد، وظاهر هذا أنه متى دخل الوقت قبل ذلك بطلت أو انقلبت ظهراً.
وقال أبو حنيفة: إذا خرج الوقت قبل فراغه منها بطلت ولا يبني عليها ظهراً؛ لأنهما صلاتان مختلفتان فلا يبني إحداهما على الأخرى كالظهر والعصر، والظاهر أن مذهب أبي حنيفة في هذا كما ذكرنا عن أحمد؛ لأن السلام عنده ليس من الصلاة.
وقال الشافعي: لا يتمها جمعة ويبني عليها ظهراً، لأنهما صلاتا وقت واحد فجاز بناء إحداهما على الأخرى، كصلاة الحضر والسفر، واحتجوا على أنه لا يتمها جمعة بأن ما كان شرطاً في بعضها كان شرطاً في جميعها: كالطهارة وسائر الشروط.
والصواب ما قاله الخرقي وابن قدامة؛ ولهذا قال ابن قدامة: ((ولنا قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من أدرك من الجمعة ركعة فقد أدرك الصلاة)) [متفق عليه]؛ ولأنه أدرك من الجمعة ركعة فكان مدركاً لها، كالمسبوق بركعة؛ ولأن الوقت شرط يختص بالجمعة فاكتفي به في ركعة كالجمعة، وما ذكروه ينتقض بالجماعة فإنه يكتفى بإدراكها في ركعة)) المغني، ٣/ ١٩١ - ١٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>