للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال أعد عليّ كلماتك هؤلاء، فأعادهن عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثلاث مرات، قال: فقال: لقد سمعت قول الكهنة، وقول السحرة، وقول الشعراء، فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء، ولقد بلغن ناعوس البحر (١)، قال: فقال: هات يدك أبايعك على الإسلام، قال: فبايعه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

((وعلى قومك؟)) قال: ((وعلى قومي، قال: فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية فمروا بقومه، فقال صاحب السرية للجيش: هل أصبتم من هؤلاء شيئاً؟ فقال رجل من القوم: أصبت منه مطهرة (٢)، فقال: ردُّوها؛ فإن هؤلاء قوم ضماد)) (٣).

قال النووي رحمه الله عن حديث جابر - رضي الله عنه -، قوله: ((إذا خطب احمرّت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش)) يستدل بهذا على أنه يستحب للخطيب أن يفخم أمر الخطبة، ويرفع صوته، ويجزل كلامه، ويكون مطابقاً للفصل الذي يتكلم فيه: من ترغيب أو ترهيب، ولعل اشتداد غضبه كان عند إنذاره أمراً عظيماً، وتحديده خَطْباً جسيماً ... ثم قال [و] ((فيه استحباب قول أما بعد في خطب: الوعظ، والجمعة، والعيد، وغيرها، وكذا في خطب الكتب المصنفة، وقد عقد البخاري باباً في استحبابه وذكر فيه جملة من الأحاديث ... وقوله: ((كانت خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة: يحمد الله ويثني عليه)) فيه دليل للشافعي - رضي الله عنه - أنه يجب حمد الله تعالى في الخطبة ويتعين لفظه، ولا يقوم غيره مقامه)) (٤).


(١) ناعوس البحر: قيل: لجته، وقيل: وسطه، وقيل: قعره الأقصى، وقيل: عمقه ولجته. شرح النووي على مسلم، ٦/ ٤٠٦ - ٤٠٧.
(٢) مطهرة: الميضأة والمطهرة: ما يتوضأ به ويتطهر فيه من الآنية، تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي، ص١١٢.
(٣) مسلم، كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم ٨٦٨.
(٤) شرح النووي على صحيح مسلم، ٦/ ٤٠٥ - ٤٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>