للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الساكن، ويبعث الكامن، وهذا النوع إذا كان في شعر يُشَبَّب فيه بذكر النساء، ووصف محاسنهن، وذكر الخمور، والمحرمات لا يُختلف في تحريمه؛ لأنه اللهو واللعب المذموم بالاتفاق، أما ما يسلم من تلك المحرمات فيجوز القليل منه، وفي أوقات الفرح: كالعرس، والعيد، وعند التنشيط على الأعمال الشاقة، ويدل على جواز هذا النوع هذا الحديث وما في معناه على ما يأتي في أبوابه، مثل: ما جاء في الوليمة، وفي حفر الخندق، وفي حَدْو الحبشة، وسلمة بن الأكوع، فأما ما أبدعه الصوفية اليوم من الإدمان على سماع المغاني بالآلات المطربة فمن قبيل ما لا يختلف في تحريمه، لكن النفوس الشهوانية، والأغراض الشيطانية قد غلبت على كثير ممن ينسب إلى الخير، وشهر بذكره حتى عموا عن تحريم ذلك، وعن فحشه، حتى قد ظهرت من كثير منهم عورات المُجَّان والمخانيث، والصبيان، فيرقصون، ويَزْفِنون بحركات مطابقة وتقطيعات متلاحقة، كما يفعل أهل السَّفَه والمجون، وقد انتهى التوقح بأقوام منهم إلى أن يقولوا: إن تلك الأمور من أبواب القرب وصالحات الأعمال، وأن ذلك يثمر صفاء الأوقات، وسيئات الأحوال، وهذا على التحقيق من آثار الزندقة وقول أهل البطالة، والمخرقة، نعوذ بالله من البدع، والفتن، ونسأله التوبة والمشي على السنن)) (١).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((وفي هذا الحديث من الفوائد مشروعية التوسعة على العيال في أيام الأعياد بأنواع ما يُحصّل لهم بسط النفس، وترويح البدن من كلف العبادة، وأن الإعراض عن ذلك أولى، وفيه أن إظهار السرور في الأعياد من شعائر الدين)) (٢).


(١) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ٢/ ٥٣٤. وانظر: فتح الباري، لابن حجر، ٢/ ٤٤٢، وشرح النووي، ٦/ ٤٣٣.
(٢) فتح الباري لابن حجر،٢/ ٤٣٣،وقد كتب الشيخ علي بن حسن عبد الحميد الأثري رسالة نشرت بعنوان: ((الجواب السديد على من سأل عن حكم الدفوف والأناشيد)).

<<  <  ج: ص:  >  >>