للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا رأى غيمًا أو ريحًا عُرِف ذلك في وجهه، فقالت: يا رسول الله أرى الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيتَهُ عرفتُ في وجهك الكراهية؟ قالت: فقال: ((يا عائشة ما يُؤمّنني أن يكون فيه عذاب، قد عُذّب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب فقالوا: {هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا} (١))) (٢).

قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في ذكره لفوائد روايات هذا الحديث: ((فيه الاستعداد بالمراقبة لله والالتجاء إليه عند اختلاف الأحوال وحدوث ما يخاف بسببه، وكان خوفه - صلى الله عليه وسلم - أن يعاقبوا بعصيان العصاة، وسروره؛ لزوال سبب الخوف)) (٣)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((نُصِرتُ بالصَّبا وأهلكت عاد بالدَّبور (٤))) (٥).

فهذا من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وشدة خوفه من عذاب الله تعالى، وشفقته على أمته، فإذا كانت هذه حاله عليه الصلاة والسلام حينما يحدث الكسوف، أو الغيم والريح؛ لأن هذه من آيات الله التي قد تكون دالة على حدوث بلية أو نازلة، أو عذاب، فكيف بحالنا في هذه الأزمان التي كَثُرت فيها المعاصي، والغفلة، والإعراض، واللهو، وغير ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فيجب علينا أن نلجأ إلى الله - عز وجل - ونلوذ به ونعتصم بحبله في جميع أحوالنا: في الرخاء والشدة، والسراء والضراء، وقد قال الله تعالى: {فَفِرُّوا إِلَى الله إِنّي لَكُم مّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} (٦)، قال العلامة السعدي رحمه الله: ((فلما دعا العباد إلى النظر لآياته الموجبة لخشيته، والإنابة إليه أمر بما هو المقصود من ذلك:


(١) سورة الأحقاف، الآية: ٢٤.
(٢) مسلم، كتاب الاستسقاء، باب التعوذ عند رؤية الريح والغيم والفرح بالمطر، برقم ١٤، ١٥، ١٦ [٨٩٩].
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم، ٦/ ٤٤٩.
(٤) الصَّبا: بفتح الصاد ومقصورة، وهي الريح الشرقية، وأهلكت عاد بالدبور: وهي بفتح الدال، وهي الريح الغربية. شرح النووي على صحيح مسلم، ٦/ ٤٥٠.
(٥) مسلم، كتاب صلاة الاستسقاء، بابٌ: في ريح الصبا والدبور، برقم ٩٠٠.
(٦) سورة الذاريات، الآية: ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>