للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، وإنهما لا يخسفان لموت أحد، وإذا كان ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم)) (١)؛ ولحديث المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - وفيه: (( ... إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا حتى ينجليَ)) (٢).

وفي حديث عائشة رضي الله عنها: ((فإذا رأيتم كسوفًا فاذكروا الله حتى ينجليا)) (٣). وهذه الأحاديث وغيرها تدل على أن وقت صلاة الكسوف من حين الكسوف إلى التجليّ، فإن فات لم تُقْضَ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل الانجلاء غاية للصلاة؛ ولأن الصلاة إنما شرعت رغبة إلى الله في ردها، فإذا حصل ذلك حصل مقصود الصلاة، وإن انجلت وهو في الصلاة أتمها خفيفة، وإن استترت الشمس والقمر بالسحاب وهما مكسوفان صلى؛ لأن الأصل بقاء الكسوف، وإن غابت الشمس كاسفة أو طلعت على القمر وهو خاسف لم يصل؛ لأنه قد ذهب وقت الانتفاع بنورهما، وإن فرغ من الصلاة والكسوف قائم لم يزد صلاة أخرى، وإنما يشتغل بالذكر، والدعاء، والاستغفار؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يزد على ركعتين، وإن غاب القمر ليلاً وهو كاسف لم يصل كالشمس إذا غابت؛ لأن ما يُصلَّى من أجل كسوفه قد غاب، وقيل يصلّي؛ لأن وقت سلطانه باقٍ (٤)، فظهر أن صلاة كسوف الشمس تفوت بأمرين:


(١) البخاري، كتاب الكسوف، باب الصلاة في الكسوف برقم ١٠٤٠، وباب الصلاة في كسوف القمر، برقم ١٠٦٣.
(٢) متفق عليه: البخاري، برقم ١٠٦٠، ومسلم، برقم ٩١٥. وتقدم تخريجه.
(٣) متفق عليه: البخاري، برقم ١٠٤٤،ومسلم، واللفظ له، برقم ٦ (٩٠١).وتقدم تخريجه.
(٤) اختار القاضي أن القمر إذا غاب ليلاً فإنه يصلي؛ لأنه لم يذهب وقت الانتفاع بنوره؛ لأن سلطانه باق، قال المرداوي في الإنصاف: ((لكن إذا غاب القمر خاسفًا ليلاً فالأشهر في المذهب أنه يُصلي له))، ثم ذكر الخلاف وأن صاحب المحرر جزم أنه لا يصلي. والله أعلم [انظر: المغني، لابن قدامة، ٣/ ٢٣١، والكافي لابن قدامة، ١/ ٥٣٠، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف المطبوع مع المقنع والشرح الكبير، ٥/ ٤٠٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>