للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأما تحريم الكلام:

فقال أبو حاتم بن حِبَّان الحافظ: إنما كان بمكة، فلما بلغ المسلمين بالمدينة سكتوا، فقال زيد بن أرقم - وهو من أهل المدينة - يحكي الحال: كنا نتكلم في الصَّلاة حتى نزلت: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ [البقرة: ٢٣٨] فأمرنا بالسكوت (١).

وقال أبو سليمان الخطَّابيُّ: نسخ الكلام بعد الهجرة بمدَّةٍ يسيرة (٢).

وعلى القولين قد كان ذاك قبل إسلام أبي هريرة بسنين.

وأمَّا كلام أبي بكر وعمر والنَّاس: فقد ذكر الخطَّابيُّ فيه وجهين: أحدهما: أنَّ في رواية حمَّاد بن زيد عن أيُّوب أنَّهم أومؤا - أي نعم -، فدلَّ ذلك على أنَّ رواية من روى أنَّهم قالوا: (نعم) تجوز، كما يقول الرَّجل: قلت بيدي وبرأسي، وكقول الشَّاعر:

فقالت له العينان سمعاً وطاعةً ...........

والثَّاني: أن يكونوا قالوا بألسنتهم، ولا يضر ذلك، لأنَّه لم ينسخ من الكلام ما كان جواباً لرسول الله ، لقوله تعالى: ﴿اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ [الأنفال: ٢٤] (٣).

٩٠٤ - وفي أفراد البخاريِّ من حديث أبي سعيد بن المعلَّى قال: كنت أصلِّي في المسجد، فدعاني رسول الله فلم أجبه، ثُمَّ أتيته فقلت: يا رسول الله، إني كنت أصلِّي. فقال: " ألم يقل الله: ﴿اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا


(١) انظر: «الإحسان» لابن بلبان: (٦/ ٢٧ - ٢٨ - رقم: ٢٢٥٠).
(٢) «أعلام الحديث»: (١/ ٤١٣ - رقم: ١٢٨)، وفي «معالم السنن»: (١/ ٤٦٢ - رقم: ٩٧٠): (نسخ الكلام كان بمكة) ا. هـ
(٣) «معالم السنن»: (١/ ٤٦٢ - ٤٦٣ - رقم: ٩٧٠).