الحافظ ابن عبد الهادي - كما سبق - قد أجمع العلماء على تمكنه في علم الحديث وتميزه فيه، وهذه المكانة كان لها أثر كبير في القيمة العلمية للكتاب، فالحافظ ابن عبد الهادي - فيما نحسب - كان موفقًا في التمييز بين الغث والثمين، وبين ما يحتاج إليه وما لا يحتاج إليه، وكان ﵀ دقيقًا في ما ينقله، وكان ﵀ صاحب تحرير وتحري في ما يناقشه ويطرحه من مسائل كلية وجزئية، كما كان أئمة الحديث المتقدمين، ولهذا تجد أن كثيرًا من كلامه يضاهي كلامهم رحمهم الله تعالى جميعًا.
ومصداق ذلك أنك إذا وازنت بين الانتقادات التي وجهت إلى كتاب التنقيح وغيره من كتب التخريج - لا سيما السابقة له - وجدت أن ما وجه إلى التنقيح هو قليل جدًا بالنسبة لما وجه للكتب الأخرى، بل ستجد أن الكثير من تلك الانتقادات التي وجهت إلى غيره مأخوذة من «التنقيح»!!
ثالثًا: الإفادة منه.
إن الناظر في كتب أهل العلم بعد التنقيح يجدها قد أفادت من هذا الكتاب، بين مقل ومستكثر، ولا يكاد كتاب من الكتب المشاركة له في موضوعه إلا كان «التنقيح» من موارده، وهذه الإفادة كانت منذ زمن مبكر.
ولعل من أول من أفاد من «التنقيح» الحافظ الزيلعي في كتابه الشهير