عالم بكل ما سيكون قبل أن يكون. وقد بين أنه لايستفيد بالاختبار علما لم يكن يعلمه بقوله جل وعلا (وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور) فقوله (والله عليم بذات الصدور) بعد قوله (ليبتلي) دليل قاطع على أنه لم يستفد بالاختبار شيئا لم يكن عالما به، سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا، لأن العليم بذات الصدر وغني عن الاختبار وفي هذه الآية بيان عظيم لجميع الآيات التي يذكر الله فيها اختباره لخلقه.
ومعنى (إلا لنعلم) أي علما يترتب عليه الثواب والعقاب فلا ينافي أنه كان عالما به قبل ذلك، وفائدة الاختبار ظهور الأمر للناس. أما عالم السر والنجوى فهو عالم بكل ما سيكون كما لايخفى.
أخرج البخاري ومسلم بسنديهما عن ابن عمر رضي الله عنهما بينا الناس يصلون الصبح في مسجد قباء إذ جاء جاء فقال أنزل الله على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قرآنا أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها، فتوجهوا إلى الكعبة.
واللفظ للبخاري. (الصحيح رقم ٤٤٨٨- تفسير سورة البقرة، ب (وماجعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه ... ) . ومسلم (الصحيح رقم ٥٢٦- المساجد، ب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة) .
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه) قال: لنميز أهل اليقين من أهل الشرك والريبة.
وأخرج ابن أبي حاتم بإسناده الحسن عن ابن إسحاق ... عن ابن عباس: أي ابتلاء واختبارا.
ثم قال وروي عن الحسن وعطاء وقتادة نحو ذلك.
قوله تعالى (وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله)
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: قال الله عز وجل (وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله) يعني: تحويلها على أهل الشك والريب.