للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صَفَرَ مَيْتًا، وَدُفِنَ بِـ "السِّرْدَابِ" رَحِمَهُ اللهُ وَسَامَحَهُ.

وَقَدْ ذَكَرَ ابنُ النَّجَّارِ: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي وِلَايَتِهِ مَحْمُوْدًا، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ النَّاسَ لَا يَجْتَمِعُوْنَ عَلَى حَمْدِ شَخْصٍ وَلَا ذَمِّهِ، وَأَمَّا أَبُو شَامَةَ فَبَالَغَ فِي ذَمِّهِ وَالحَطِّ عَلَيْهِ بِأُمُوْرٍ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهَا حُجَّةً، وَإِنَّمَا قَالَ: وَيُقَالُ إنَّهُ فَعَلَ كَذَا، وَمِثْلُ هَذَا القَدْحِ لَا يَكْفِي فِي مُسْتَنَدِهِ وَيُقَالُ كَذَا، وَكَذلِكَ ابنُ القَادِسِيِّ فِي "تَارِيخِهِ" يَذُمُّهُ كَثِيْرًا، وَقَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ آذَى أَبَاهُ فَصَارَ ذَا غَرَضٍ مَعَهُ، وَأَمَّا ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ فَقَالَ: كَانَ فِيْهِ فَضْلٌ، وَحُسْنُ سَمْتٍ وَوَقَارٍ، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمَّا عُزِلَ فِي المَرَّةِ الأَخِيْرَةِ أَقَامَ بِمَنْزِلِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ القَادِسِيِّ: أَنَّهُ لَمَّا قُبِضَ عَلَيْهِ اسْتُفْتِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ تَسَبَّبَ إِلَى كَسْرِ عَسْكَرِ الخَلِيْفَةِ، وَقَتْلِهِمْ وَنَهْبِهِمْ، وَأَظْهَرَ مَوْتَ الخَلِيْفَةِ وَهُوَ حَيٌّ، فَكَتَبَ ابْنُ فَضْلَانَ (١) كَلَامًا مَضْمُوْنَةً: إِبَاحَةُ دَمِ مَنْ فَعَلَ هَذَا، وَكَتَبَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ غَرَامَةُ مَا خَانَ فِيْهِ، وَتُقَامُ عَلَيْهِ السِّيَاسَةُ الرَّادِعَةُ، وَذَكَرَ أنَّهُ بَعْدَ القَبْضِ عَلَيْهِ فِي دَارِهِ، نُقِلَ إِلَى مَحْبَسٍ ضَنْكٍ وَعْرٍ بِـ "التَّاجِ" وَقِيْلَ: إنَّهُ ضُيِّقَ عَلَيْه وَقُيِّدَ. قَالَ: وَكَانَ فَقِيْهًا، أُصُولِيًّا، جَدَلِيًّا، عَالِمًا بِالحِسَابِ، وَالفَرَائِضِ، وَالهَنْدَسَةِ، وَالجَبْرِ، وَالمُقَابَلَةِ، وَصَنَّفَ كِتَابًا فِي الأُصُوْلِ، وَكَانَ يُقْرَأُ عَلَيْهِ كُلَّ أُسْبُوْعٍ، وَيَحْضُرُهُ جَمَاعَةٌ مِنَ العُلَمَاءِ، إِلَّا أَنَّهُ شَانَ أَفْعَالَهُ بِسُوْءِ أَعْمَالِهِ؛ بِأَغْرَاضِهِ الفَاسِدَةِ، وَالحَسَدِ الَّذِي كَانَ مَعَهُ، وَالطَّرَائِقِ الَّتِي كَانَتْ غَيْرَ مَرْضِيَّةٍ، فَأَبْغَضَهُ النَّاسُ، وَسَبُّوْهُ، وَكَانَ فِيْهِ سَوْدَنَةٌ وَجُنُوْنٌ. قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي يَوْمِ الثُلَاثَاءِ سَابِعَ عَشَرَ صَفَرٍ سَنَةَ


(١) تَقَدَّمَ التَّعْرِيْفُ بِهِ.