للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَا مَنْ أَضَاعَ زَمَانَهُ … أَرَضِيْتَ مَا يَفْنَى بِبَاقِي

قَالَ: وَأَنْشَدَنِي [:

إذَا رَضِيْتُ بِمَيْسُوْرٍ مِنَ القُوْتِ … أَصْبَحْتُ فِي النَّاسِ حُرًّا غَيْرَ مَمْقُوْتِ

يَاقُوْتَ نَفْسِي إِذَا مَا دَرَّ خِلْفُكِ] (١) لِي … فَلَسْتُ آسَى علَى دُرٍّ وَيَاقُوْتِ

وَقَالَ المُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ (٢): كَانَ ابنُ الجَوْزِيِّ لَطِيْفَ الصُّوْرَةِ، حُلْوَ الشَّمَائِلِ رَخِيْمَ النَّغْمَةِ، مَوْزُوْنَ الحَرَكَاتِ وَالنَّغَمَاتِ، لَذِيْذَ المُفَاكَهَةِ، يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ مَائَةُ أَلْفٍ أَوْ يَزِيْدُوْنَ، لَا يُضَيِّعُ مِنْ زَمَانِهِ شَيْئًا، يَكْتُبُ فِي اليَوْمِ أَرْبَعَةُ كَرَارِيْسِ، وَيرْتَفِعُ لَهُ كُلَّ سَنَةٍ مِنْ كِتَابَتِهِ مَا بَيْنَ خَمْسِيْنَ مُجَلَّدًا إِلَى سِتِّيْنَ، وَلَهُ فِي كُلِّ عِلْم مُشَارَكَةٌ، لكِنَّهُ كَانَ فِي التَّفْسِيْرِ مِنَ الأعْيَانِ، وَفِي الحَدِيْثِ مِنَ الحُفَّاظِ، وَفِي "التَّارِيْخِ" مِنَ المُتَوَسِّعِيْنَ، وَلَدَيْهِ فِقْهٌ كَافٍ، وَأَمَّا السَّجْعُ الوَعْظِيُّ فَلَهُ فِيْهِ مَلَكَةٌ قَوِيَّةٌ، إِنِ ارْتَجَلَ أَجَادَ، وَإِنْ رَوَى أَبْدَعَ، وَلَهُ فِي الطِّبِّ كِتَابُ "اللُّقَطِ" مُجَلَّدَانِ، وَكَانَ يُرَاعِي حِفْظِ صِحَّتِهِ، وَتَلْطِيْفِ مَزَاجِهِ وَمَا يُفِيْدُ عَقْلَهُ قُوَّةً، وَذِهْنَهُ حِدَّةً، جُلُّ غِذَائِهِ الفَرَارِيْجُ


(١) في (ط): "خَلْقُكِ" وَالخِلْفِ: وَاحِدُ أَخْلَافِ النَّاقَةِ الَّتِي تُحْلَبُ.
(٢) عَبْدُ اللطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ بنِ مُحَمَّدِ بن عَلِي البَغْدَادِيُّ، المُوْصِلِيُّ الأصْلِ (ت: ٦٢٩ هـ)، سَمِعَ مِنِ ابنِ البَطِّيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ المَقْدِسِيُّ، وَشُهْدَةَ، وَعَبْدِ الحَقِّ، وَرَوَى عَنْهُ البِرْزَالِيُّ وَالمُنْذِرِيُّ، وَالضِّيَاءُ المَقْدِسِيُّ، وَابنُ النَّجَّارِ … وَخَلْقٌ كَثيْرٌ، مُحَدِّثٌ، لُغَوِيٌّ، نَحْوِيُّ، مُؤَرِّخٌ، طَبِيْبٌ بَارِعٌ. أَخْبَارُهُ في: التَّقْيِيْدِ (٣٨٢)، وَإِنْبَاهِ الرُّوَاهِ (٢/ ١٩٣)، وَالتَّكْمِلَةِ لِوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (٣/ ٢٩٧)، وَعُيُوْنِ الأنْبَاءِ (٢/ ٢٠١)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (٢٢/ ٣٢٠)، وَتَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ (٤/ ١٤١٤)، وَالعِبَرِ (٥/ ١١٥).