للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سَمِعْتُ عَبْدَ القَادِرِ الرُّهَاوِيُّ الحَافِظُ يَقُوْلُ لِلْحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ: سَمِعْتُ وَسَمِعْنَا، وَحَفِظْتَ، وَنَسِيْنَا.

وَقَالَ أَبُو الثَّنَاءِ مَحْمُودُ بنُ هَمَّامٍ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بنَ أَمِيْرك الجُوَيْنِيَّ المُحَدِّثَ يَقُوْلُ: مَا سَمِعْتُ السِّلَفِيَّ يَقُوْلُ لأحَدٍ "الحَافِظُ"، إلَّا لِعَبْدِ الغَنِيِّ المَقْدِسِيِّ.

وَقَالَ الحَافِظُ الضِّيَاءِ: كَانَ -رَحِمَهُ اللهُ- مُجْتَهِدًا عَلَى طَلَبِ الحَدِيْثِ، وَسَمَاعِهِ للنَّاسِ مِنْ قَرِيْبٍ وَغَرِيْبٍ، فَكَانَ كُلُّ غَرِيْب يَأْتِي يَسْمَعُ عَلَيْهِ، أَوْ يَعْرَفُ أَنَّهُ يَطْلُبُ الحَدِيْثَ يُكْرِمُهُ وَيَبَرُّهُ، وَيُحْسِنُ إِلَيْهِ إِحْسَانًا كَثِيْرًا، وَإِذَا صَارَ عِنْدَهُ طَالِبٌ يَفْهَمُ شَيْئًا، أَمَرَهُ بِالسَّفَرِ إِلَى المَشَايخَ بِالبِلَادِ، وَأَحْيَى اللهُ بِهِ حَدِيْثَ رَسُوْلِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَمَنْ سَمِعَ حَدِيْثًا مِنْ أَصْحَابِنَا كَانَ يَسُبُّهُ، وَمَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَصْحَابِنَا كَانَ طَلَبُهُمْ حَسَدًا لَهُ؛ لِمَا يَرَوْنَ مِنْ حِرْصِهِ وَكَثْرَةِ طَلَبِهِ. قَالَ: وَسَمِعْتُ الإمَامَ الحَافِظَ أَبَا إِسْحَقَ إِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدٍ العِرَاقِيَّ (١)، يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ الحَدِيْثَ فِي "الشَّامِ" كُلِّهِ، إلَّا بِبَرَكَةِ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ؛ فَإِنَّنِي كُلّ مَنْ سَأَلْتُهُ يَقُوْلُ: أَوَّلُ مَا سَمِعْتُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي حَرَّضَنِي، وَذَكَرَ جَمَاعَةً مِنَ المُحَدِّثِيْنَ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَفُضِّلُ الرِّحْلَةَ للسَّمَاعِ عَلَى الغَزْوِ، وَعَلَى سَائِرِ النَّوَافِلِ. قَالَ: وَكَانَ -رَحِمَهُ اللهُ- يَقْرَأُ الحَدِيْثَ يَوْمَ الجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ بِجَامِعِ "دِمَشْقَ" وَلَيْلَةَ الخَمِيْسِ بالجَامِعِ أَيْضًا، وَيَجْتَمِعُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، وَكَانَ يَقْرَأُ وَيَبكِي، وَيُبكِى النَّاسَ بُكَاءً كَثيْرًا، حَتَّى إِنَّ مَنْ حَضَرَ مَجْلِسَهُ مَرَّةً، لَا


(١) هُوَ المَعْرُوْفُ بِـ"ابنِ الأزْهَرِ الصَّرِيْفِيْنيُّ" (ت: ٦٤١ هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.