للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اللّهُ فَضِيْلَتَهُ بِابْتِلَائِهِ بِأَذَى أَهْلِ البِدْعَةِ، وَعَدَاوَاتِهِمْ إِيَّاهُ، وَقِيَامِهِمْ عَلَيْهِ، وَرُزِقَ العِلْمَ، وَتَحْصِيْلَ الكُتُبِ الكَثِيْرَةِ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُعَمَّرْ حَتَّى يَبْلُغَ غَرَضَهُ فِي رِوَايتِهَا، وَنَشْرِهَا، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.

قَالَ الضِّيَاءُ: وَسَمِعْتُ الإمَامَ الزَّاهِدَ إِبْرَاهِيْمَ بنَ مَحْمُوْدِ بنِ جَوْهَرٍ البَعْلِيَّ (١) يَقُوْلُ: سَمِعْتُ العِمَادَ (٢) -يَعْنِي أَخَا الحَافِظِ- يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشَدَّ مُحَافَظَةً عَلَى وَقْتِهِ مِنَ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ.

قَال الضِّيَاءُ: كَانَ شَيْخُنَا الحَافِظُ -رَحِمَهُ اللّهُ- لَا يَكَادُ يُضَيِّعُ شَيْئًا مِنْ زَمَانِهِ بِلَا فَائِدَةٍ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يُصلِّي الفَجْرَ، وَيُلَقِّنُ النَّاسَ القُرآنَ، وَرُبَّمَا أقْرَأَ شَيْئًا مِنَ الحَدِيْثِ، فَقَدْ حَفِظْنَا مِنْهُ أَحَادِيْثَ جَمَّةً تَلْقِيْنًا، ثُمَّ يَقُوْمُ يَتَوَضَّأُ، فَيُصَلِّيَ ثَلَاثَمَائَةَ رَكْعَةً بِالفَاتِحَةِ وَالمُعَوِّذَتَيْنِ (٣) إِلَى قَبْلِ وَقْتِ الظُّهْرِ، ثُمَّ يَنَامُ نَوْمَةً يَسِيْرَةً إِلَى وَقْتِ الظُّهْرِ، وَيَشْتَغِلُ إِمَّا بالتَّسْمِيع (٤) لِلْحَدِيْثِ، أَوْ بِالنَّسْخِ إِلَى المَغْرِبِ، فَإِنْ كَانَ صَائِمًا أَفْطَرَ بَعْدَ المَغْرِبِ، وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا صَلَّى مِنَ المَغْرِبِ إِلَى عِشَاءِ الآخِرَةِ، فَإِذَا صَلَّى العِشَاءَ الآخِرَةِ نَامَ إِلَى نِصفِ اللَّيْلِ أَوْ بَعْدَهُ، ثُمَّ قَامَ كَأَنَّ إِنْسَانًا يُوْقِظُهُ، فَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي لَحْظَةً


(١) حنْبلِيٌّ (ت: ٦٤٨ هـ) لَمْ يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ، أَسْتَدْرِكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(٢) إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ (ت: ٦١٤ هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَهُوَ أَخو المُتَرْجَمِ هُنَا الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ، وَلَقَبُهُ (عِمَادُ الدِّين).
(٣) يَرِدُ فِي مَنَاقِبِ الْعُلَمَاءِ مِنَ المُبَالَغَاتِ وَالتَجَاوُزَاتِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتي لا يُمْكِنُ أَنْ يُسَلَّمَ بِهَا، وَلَا بِصِحَّةِ نِسْبَتِهَا إِلَى المُتَرْجَمِ.
(٤) في (ط): "للتَّسميع بِالحَدِيْثِ".