لَمْ يَفْتَرِقْ بِكُمَا حَالٌ، فَمَوْتُكُمَا … فِي الشَّهْرِ وَاليَوْمِ هَذَا الفَخْرُ وَالحَسَبُ
أَحْيَيْتَ سُنَّتَهُ مِنْ بَعْدِ مَا دُفِنَتْ … وَشِدَّتَهَا وَقَدِ انْهَدَّتْ لَهَا رُتَبُ
وَصُنْتَهَا عَنْ أَبَاطِيْلِ الرُّوَاةِ لَهَا … حَتَّى اسْتَنَارَتْ فَلَا شَكٌّ وَلَا رِيَبُ
مَا زِلْتَ تَمْنَحُهَا أَهْلًا وَتَمْنَعَهَا … مَنْ كَانَ يُلْهِيْهِ عَنْهَا الثَّغْرُ وَالشَّنَبُ
قَوْمٌ بِأَسْمَاعِهِمْ عَنْ سمْعِهَا صَمَمٌ … وَفِي قُلُوبِهِمُ مِنْ حِفْظِهَا قُضُبُ
تَنُوبُ عَنْ جَمْعِهَا مِنْهُمْ عَمَائِمُهُمْ … أَيْضًا وَيُغْنِيْهُمُ عَنْ دَرْسِهَا اللَّقَبُ
يَا شَامِتِيْنَ وَفِيْنَا مَا يَسُوْؤُهُمْ … مْسْتَبْشِرِيْنَ وَهَذَا الدَّهْرُ مُحْتَسِبُ
لَيْسَ الفَنَاءُ بِمَقْصُوْرٍ عَلَى سَبَبٍ … وَلَا البَقَاءُ بِمَمْدُوْدٍ لَهُ سَبَبُ
مَا مَاتَ مَنْ عِزُّ دِيْنِ اللّهِ يَعْقِبُهُ … وَإِنَّمَا المَيْتُ مِنْكُمْ مَنْ لَهُ عَقِبُ
وَلَا تَقَوَّضَ بَيْتٌ كَانَ يَعْمِدُهُ … مِثْلُ العِمَادِ وَلَا أَوْدَى لَهُ طُنُبُ
عَلَا العُلَى بِجَمَالِ الدِّيْنِ بَعْدَكُمَا … تُحْيِي العُلُوْمَ بِمُحْييْ الدِّيْنِ وَالقُرَبُ
وَتَسبِقُ الخَيْلَ تَالِيْهَا وَإِنْ بَعُدَتْ … وَغَايَةَ السَّبْقِ لَا تَعْيَى لَهُ النُّجُبُ
مِثْلُ الدَّرَارِي السَّوَارِي شَيْخُنَا أَبَدًا … نَجْمٌ يَغُوْرُ وَيَبْقَى بَعْدَهُ شُهُبُ
مِنْ مَعْشِرٍ هَجَرُوا الأوْطَانَ وَانْتَهَكُوا … حُمْرَ الخُطُوْبِ وَأَبْكَارَ العُلَى خَطَبُوا
شُمُّ العَرَانِيْنَ مُلْحٌ لَوْ سَأَلتَهُمُ … بَذْلَ النُّفُوْسِ لَمَا هَابُوا بأَنْ يَهَبُوا
بِيْضٌ مَفَارِقُهُمْ، سُوْدٌ عَوَاتِقُهُمْ … يَمْشِي مُسَابِقُهُمْ مِنْ حَظِّهِ التَّعَبُ
نُوْرٌ إِذَا سَألُوا نَارٌ إِذَا حَمَلُوا … سُحْبٌ إِذَا نَزَلُوا أُسْدٌ إِذَا رَكِبُوا
المَوْقِدُوْنَ وَنَارُ الحَرْبِ خَامِدَةٌ … وَالمُقَدِمُوْنَ وَنَارُ الحَرْبِ تَلْتَهِبُ
هَذَا الفَخَارُ فَإِنْ تَجْزَعْ فَلَا جَزَعٌ … عَلَى المُحِبِّ وَإِنْ تَصْبِرْ فَلَا عَجَبُ