للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَبِي نَصْرِ بْنِ جَهِيْرٍ (١)، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ الزَّغُونِيِّ، وَأَبِي الوَقْتِ، وَجَمَاعَةٍ كَثِيْرَةٍ مِنَ المُتَأَخِّرِيْنَ، وَقَرَأَ بِنَفْسِهِ عَلَى الشُّيُوْخِ، وَقَالَ الشِّعْرَ الحَسَنَ، وَفُتِحَ عَلَيْهِ فِي الوَعْظِ، وَوَعَظَ بِعِدَّةِ أَمَاكِنَ، حَتَّى صَارَ يُضَاهِي أَبَا الفَرَجِ بنَ الجَوْزِيِّ، وَيُزَاحِمُهُ فِي أَمَاكِنِهِ، وَوَعَظَ عِنْدَ "تُرْبَةِ أَمِّ الخَلِيْفَةِ النَّاصِرِ"، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، فَكَانَ يَجْلِسُ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ، وَيَجْلِسُ أَبُو الفَرَجِ يَوْمَ السَّبْتِ، ثُمَّ أُذِنَ للدُّوْرِيِّ بِالجُلُوْسِ يَوْمَ السَّبْتِ، فَاجْتَمَعَ الخَلْقُ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّ ابْنَ الجَوْزِيِّ هُوَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ، فَلَمَّا رَأَوْا الدُّوْرِيَّ انْصَرَفَ كَثِيْرٌ مِنْهُمْ، وَسَبُّوا الدُّوْرِيَّ، وَأَصْحَابَهُ، وَخِيْفَ مِنْ وُقُوْعِ (٢) فِتْنَةٍ، فَبَعَثَ أُسْتَاذَ الدَّارِ ابنُ يُونُسَ وَأَحْضَرَ ابْنَ الجَوْزِيِّ، وَطَيَّبَ قَلْبَهُ، وَقَالَ لَهُ: إِنَّ السُّلْطَانَ لَمْ يَعْلَمْ بِهَذِهِ الحَالِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ تَلْبِيْسٌ، ثُمَّ رَأَوْا المَصْلَحَةَ فِي مَنْعِ جَمِيْعِ الوُعَّاظِ، فَمُنِعُوا.

وَلَمَّا اعْتُقِلَ الشَّيْخُ أَبُو الفَرَجِ بِـ "وَاسِطَ" (٣) خَلَا لِلْدُّوْرِيِّ الجَوَّ، فَكَانَ يَعِظُ مَكَانَهُ عِنْدَ التُّرْبَةِ، وَاتَّفَقَ أَنَّ الشَّيْخَ لَمَّا رَجَعَ إِلَى "بَغْدَادَ" وَدَخَلَهَا يَوْمَ السَّبْتِ تَاسِعَ عَشَرَ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ، فَوَصَلَ البَشِيْرُ بِأَنَّهُ قَدْ وَصَلَ، وَالدُّوْرِيُّ يَعِظُ مَكَانَهُ، فَبَادَرَ النَّاسُ مِنَ المَجْلِسِ لِتَلَقِّيْهِ، فَجَعَلَ الدُّوْرِيُّ يَقُوْلُ: مَا هَذِهِ الأَهْوِيَةُ الَّتِي أَنْتُمْ عَلَيْهَا عَاكِفُوْنَ، وَقُطِعَ عَلَيْهِ المَجْلِسُ،


(١) آلُ جَهِيْرٍ بَيْتُ وَزَارَةٍ مَشْهُوْرٌ. يُرَاجَعُ خَرِيْدَةُ القَصْرِ (قِسْمُ شُعَرَاءِ العِرَاقِ) (١/ ٧٧). فَمَا بَعْدَهَا.
(٢) في (ط) "قُوْع" خَطَأُ طباعةٍ.
(٣) سَبَقَ ذِكْرُ سَبَبِ اعْتِقَالِهِ في تَرْجَمَتِهِ، وَفِي تَرْجَمَةِ رُكْنِ الدِّيْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الجِيْلِيِّ السَّابِقَةِ قَبْلَ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ.