للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المَذْهَبِ وَالفُتْيَا، وَكَانَ مُلَازِمًا لِزَاوِيَتِهِ فِي المَسْجِدِ، قَلِيْلَ المُخَالَطَةِ إِلَّا لِمَنْ عَسَاهُ يَكُوْنُ مِنْ أَهْلِ الدِّيْنِ، مَا أَلَمَّ بِبَابِ أَحَدٍ مِنْ أَرْبَابِ الدُّنْيَا، وَمَا قَبِلَ لأَحَدٍ هَدِيَّةً، وَكَانَ أَحَدَ الأَبْدَالِ الَّذِيْنَ يَحْفَظُ اللهُ بِهِمُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا.

وَقَرَأْتُ بِخَطِّ النَّاصِحِ بْنِ الحَنْبَلِيِّ: الشَّيْخُ، الإِمَامُ عِمَادُ الدِّيْنِ، أَبُو بَكْرٍ الخَيَّاطُ، وَكَانَ زَاهِدًا، عَالِمًا، فَاضِلًا، مُشْتَغِلًا بِالكَسْبِ مِنَ الخِيَاطَةِ، وَمُشْتَغِلًا بِالعِلْمِ، وَيُقْرِئُ القُرْآنَ احْتِسَابًا، قَالَ لِي: تُشْكِلُ علَيَّ المَسْأَلَةَ، فَآتِي الشَّيْخَ أَبَا الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ لأَسْأَلَهُ عَنْهَا، فَتَنْكَشِفُ لِي وَأَفْهَمَهَا قَبْلَ جَوَابِ الشَّيْخِ، يُشِيْرُ إِلَى بَرَكَةِ الشَّيْخِ (١)، وَكُنْتُ أَنَا أَقْرَأُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ يَقُوْلُ: خُذْ عَلَيَّ، فَيُنَاوِلَنِي "مُقَدِّمَةَ الخَبْرِيِّ" (٢) فِي الفَرَائِضِ، فَيَقْرَؤُهَا مِنْ حِفْظِهِ، وَكَانَ مُتَطَهِّرًا، وَمُشَدِّدًا فِي الطَّهَارَةِ. وَكَانَ الإِمَامُ الظَّاهِرُ فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ النَّاصِرِ قَدْ أَحْسَنَ بِهِ الظَّنَّ، وَصَحِبَهُ فِي الزِّيَادَةِ، وَانْتَفَعَ الظَّاهِرُ بِصُحْبَتِهِ كَثِيْرًا. وَرتَّبَ كِتَابَ "جَامِعِ المَسَانِيْدِ" تَأْلِيْفِ الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ بْنِ الجَوْزِيِّ عَلَى أَبْوَابِ الفِقْهِ، وَكَانَ يَقْرَأُ عَلَى شَيْخِنَا ابْنِ المَنِّيِّ مِنْ "كِفَايَةِ المُفْتِي" لابْنِ عَقِيْلٍ (٣).

وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: كَانَ وَرِعًا، مُتَدَيِّنًا، عَارِفًا بِمَذْهَبِهِ، وَحَدَّثَ، وَقَرَأَ،


(١) لَعَلَّهُ يُشِيْرُ بِذَلكَ إِلَى حِدَّةِ ذِهْنِهِ هُوَ؛ لأنَّه يُشْغِلُ فِكْرَهُ فيها حَتَّى يَنْجَلِي لَهُ الأَمْرُ.
(٢) هُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَبُو حَكِيْمٍ الخَبْرِيُّ (ت: ٤٧٦ هـ) جَدُّ الحَافِظُ مُحَمَّدِ بنِ نَاصِرٍ لأُمِّهِ، تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ في هَامِشِ تَرْجَمَةِ ابنِ نَاصِرٍ (ت: ٥٥٠ هـ).
(٣) في (ط): "لابنِ مُقْبِلٍ" وَهُوَ مِنْ كُتُبِ أَبِي الوَفَاءِ عَلِيِّ بنِ عَقِيْلٍ (ت: ٥١٣ هـ) المَشْهُوْرَةِ.