للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَكَانَتْ لَهُ حَلْقَةٌ بِجَامِعِ القَصْرِ، يَقْرَأُ بِهَا فِي كُلِّ جُمْعَةٍ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَهِيَ حَلْقَةُ ابْنِ نَاصِرٍ، أَخَذَهَا بَعْدَ مَوْتِ ابْنِ شَافِعٍ، وَلَمْ يَزَلْ يَسْمَعُ وَيَقْرَأُ عَلَى الشُّيُوْخِ لإِفَادَةِ النَّاسِ إِلَى آخِرِ عُمُرِهِ.

قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: صَنَّفَ مَجْمُوْعَاتٍ حَسَنَةً فِي كُلِّ فَنٍّ، وَلَمْ يَكُنْ فِي أَقْرَانِهِ أَكْثَرُ سَمَاعًا مِنْهُ، وَلَا أَحْسَنُ أُصُوْلًا، كَأَنَّهَا الشَّمْسُ وُضُوْحًا، وَعَلَيْهَا أَنْوَارُ الصِّدْقِ، وَبَارَكَ اللهُ لَهُ فِي الرِّوَايَةِ حَتَّى حَدَّثَ بِجَمِيْعِ مَرْوِيَّاتِهِ، صَحِبْتُهُ مُدَّةً طَوِيْلَةً، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ فِي حَلَقَتِهِ بِالجَامِعِ، وَفِي دُكَّانِهِ الكَثِيْرَ مِنَ الكُتُبِ الكِبَارِ وَالأَجْزَاءِ، وَأَكْثَرَ مَا جَمَعَهُ وَخَرَّجَهُ، عَلَّقْتُهُ عَنْهُ، وَاسْتَفَدْتُ مِنْهُ كَثِيْرًا (١)، وَكَانَ ثِقَةً، حُجَّةً، نَبِيْلًا، مَا رَأَيْتُ فِي شُيُوْخِنَا - سَفَرًا وَلَا حَضَرًا - مِثْلَهُ فِي كَثْرَةِ مَسْمُوْعَاتِهِ، وَمَعْرِفَتِهِ بِمَشَايِخِهِ، وَحُسْنِ أُصُوْلِهِ، وَحِفْظِهِ، وَإِتْقَانِهِ، وَكَانَ أَمِيْنًا، ثَخِيْنَ السِّتْرِ، مُتَدَيِّنًا، جَمِيْلَ الطَّرِيْقَةِ، عَفِيْفًا، أُرِيْدَ عَلَى أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَ القُضَاةِ فَأَبَى ذلِكَ، وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا، وَأَلْطَفِهِمْ طَبْعًا، وَمِنْ مَحَاسِنِ البَغْدَادِيِّيْنَ وَظُرَفَائِهِمْ، مَا يَمَلُّ جَلِيْسُهُ مِنْهُ.

وَقَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: كَانَ ثِقَةً، ثَبْتًا، مَأْمُونًا، كَثِيْرَ السَّمَاعِ، وَاسِعَ الرِّوَايَةِ، صَحِيْحَ الأُصُوْلِ، مِنْهُ تَعَلَّمْنَا وَاسْتَفَدْنَا، مَا رَأَيْنَا مِثْلَهُ.

وَقَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ (٢): جَمَعَ فِي الحَدِيْثَ، وَبَوَّبَ، وَخَرَّجَ، وَكَانَ


(١) في "تَارِيْخِ الإِسْلامِ" عَنِ الحَافِظِ ابنِ النَّجَّارِ: "قَرَأْتُ عَلَيه كَثِيرًا في حَلْقَتِهِ، وَفي حَانُوْتِهِ لِلْبَزِّ بِـ "خَانِ الخَلِيْفَةِ" وَكَانَ ثِقَةً، حُجَّةً، نَبِيْلًا. . .".
(٢) تَارِيْخُ ابنِ الدُّبَيْثِيِّ (ورقة: ١٤٧) نسخة باريس رقم (٥٩٢٢).