ثِقَةً، صَدُوْقًا، لَهُ مَعْرِفَةٌ بِهَذَا الشَّأْنِ، وَلَمْ أَرَ فِي شُيُوْخِنَا أَوْفَرَ شُيُوْخًا مِنْهُ، وَلَا أَعَزَّ سَمَاعًا، مَعَ مَعْرِفَةٍ بِحَدِيْثِهِ وَشُيُوْخِهِ، وَفَهْمِ مَا يَرْوِيْهِ، وَسَمِعْنَا مِنْهُ، وَقَرَأْنَا، وَانْتَفَعْنَا بِهِ، وَنِعْمَ الشَّيْخُ كَانَ.
قَالَ ابْنُ القَطِيْعِيِّ: صَنَّفَ كِتَابًا سَمَّاهُ: "تَنْبِيْهَ اللَّبِيْبِ" فَأَبَانَ فِيْهِ عَنْ عِلْمٍ غَزِيْرٍ، وَحِفْظٍ كَثِيْرٍ.
وَقَالَ أَبُو شَامَةَ: صَنَّفَ الكُتُبَ الحِسَانَ، فِي الأَبْوَابِ وَالشُّيُوخِ وَالفَضَائِلِ، وَقَالَ: تَصَانِيْفُهُ تَدُلُّ عَلَى فَهْمِهِ، وَضَبْطِهِ، وَحُسْنِ مَعْرِفَتِهِ.
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: حَدَّثَ مُدَّةً طَوِيْلَةً نَحْوًا مِنْ سِتِّيْنَ سَنَةً، وَصَنَّفَ تَصَانِيْفَ مُفِيْدَةً، وَانْتَفَعَ بِهِ جَمَاعةٌ، وَلَنَا مِنْهُ إِجَازَةٌ، وَكَانَ حَافِظَ "العِرَاقِ" فِي وَقْتِهِ. قَالَ: وَ"الجُنَابَذَ" (١) - يَعْنِي: الَّتِي يُنْسَبُ إِلَيْهَا - بِضَمِّ الجِيْمِ، وَفَتْحِ النُّونِ، وَبَعْدَ الأَلِفِ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ مَفْتُوْحَةٌ، وَذَالٌ مُعْجَمَةٌ: قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى "نَيْسَابُوْرَ".
(١) مُعْجَمُ البُلْدَانِ (٢/ ١٩١). وَ (الجُنَابِذِيُّ) مَنْسُوْبٌ إِلَى "جُنَابِذَ" عَلَى وَزْنِ سُرَادِقٍ، نَاحِيَةٌ مِنْ نَوَاحِي "نَيْسَابُوْرَ". يُرَاجَعُ: الأَنْسَابُ (٣/ ٣٠٦)، وَاللُّبَابُ (١/ ٢٣٩)، وَمُعْجَمُ البُلْدَانِ (٢/ ٢٦٤). وَذَكَرَ المُتَرْجَمَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، قَالَ: "شَيْخُنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ [مَحْمُوْدِ] بنِ المُبَارَكِ … يَسْكُنُ "دَرْبَ القَيَّارِ" مِنْ مَحَالِّ "نَهْرِ المُعَلَّى" فِي شَرْقِيِّ "بَغْدَادَ" سَمِعَ الكَثِيْرَ فِي صِغَرِهِ بِإِفَادَةِ أَبِيْهِ، وَعَلِيِّ بنِ بكتَاشٍ، وَأَكْثَرَ حَتَّى لَمْ يَكُنْ فِي أَقْرَانِهِ أَوْفَرَ هِمَّةً مِنْهُ وَلا أَكْثَرَ طَلَبًا … قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ مِنْ شُيُوْخِ "بَغْدَادَ" الَّذِيْنَ أَدْرَكْنَاهُمْ أَكْثَرَ مِنْ سَمَاعِهِ، مَعَ ثِقَةٍ، وَأَمَانَةٍ، وَصِدْقٍ، وَمَعْرِفَةٍ تَامَّةٍ، وَكَانَ حَسَنَ الأَخْلاقِ، مَزَّاحًا، لَهُ نَوَادِرُ حُلْوَةٌ، وَصَنَّفَ مُصَنَّفَاتٍ كَثِيْرَةً فِي عِلْمِ الحَدِيْثِ مُقَيَّدَةً، وَكَانَ مُتَعَصِّبًا لِمَذْهَبِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، سَمِعْتُ عَلَيْهِ، وَأَجَازَ لِي، وَنِعْمَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute