للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَنْ أَحْوَالِهِمْ كَثِيْرًا، وَرُبَّمَا بَعَثَ إِلَى النَّاسِ نَفَقَةً سِرًّا.

وَذَكَرَ عِدَّةَ حِكَايَاتٍ عَنْهُ، مِنْهَا: أَنَّهُ كَانَ إِذَا غَابَ أَحَدٌ مِنْ إِخْوَانِهِ أَرْسَلَ إِلَى بَيْتِهِ النَّفَقَةَ وَغَيْرَهَا، وَرُبَّمَا جَاءَ بِنَفْسِهِ إِلَيْهِمْ، قَالَ: وَرُبَّمَا كَانَ بَعْضُ النَّاسِ يُرْسِلُ إِلَيْهِ يَشْتَرِي لَهُ حَاجَةً، فَرُبَّمَا زَادَ علَى ثَمَنِهَا مِنْ عِنْدِهِ، وَلَا يُعْلِمُهُ بِذلِكَ، وَكَانَ يَلْقَى النَّاسَ بِالبِشْرِ الدَّائِمِ.

قَالَ: وسَمِعْتُ عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، أَنَّهُمْ قَالُوا: رُبَّمَا كُنَّا نُؤْذِيْهِ فَمَا يَغْضَبُ عَلَيْنَا، وَيَقُوْلُ: الذَّنْبُ لِي، وَأَنَّهُ كَانَ يَدْعُو لِمَنْ ظَلَمَهُ وَيَحْسِنُ إِلَيْهِ.

قَالَ: وَلَقَدْ كَانَ أَعَارَ دَارَهُ الَّتِي فِي "الدَّيْرِ" لاِبْنِ أَخِيْهِ عِزِّ الدِّيْنِ أَبِي الفَتْحِ (١) مُدَّةً يَسْكُنُ فِيْهَا، ثُمَّ لَمْ يَعُدْ إِلَى سُكْنَاهَا قَطُّ، وَتَرَكَهَا لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرَهَا. قَالَ: وَكَانَ مِنْ إِكْرَامِهِ لأَصْحَابِهِ وَمَعارِفِهِ يَظُنُّ كُلُّ أَحَدٍ أَنَّ مَا عِنْدَهُ مِثْلَهُ، مِنْ كَثْرَةِ مَا يَأْخُذُ بِقَلْبِهِ وَيُكْرِمُهُ.

وَلَقَدْ سَمِعْتُ الفَقِيْهَ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ المُحْسِنِ بِنَ عَبْدِ الكَرِيْمِ المِصْرِيَّ (٢)، يَقُوْلُ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَيْتِ القَابِلَانِ مِنْ "مَنْبِجَ"، جَاءَ إِلَى الشَّيْخِ العِمَادِ، فَمَرِضَ، فَكَانَ يَقْعُدُ عِنْدَ رَأْسِهِ بِاللَّيْلِ، وَيَقْرَأُ وِرْدَهُ عِنْدَ رَأْسِهِ.

وَسَمِعْتُ عَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الدَّائِمِ المِصْرِيَّ الكِنَانِيَّ (٣) يَقُوْلُ: كُنَّا يَوْمًا نَمْشِي مَعَ الشَّيْخِ العِمَادِ إِلَى دَعْوَةٍ فَلَقِيَ فِي السُّوْقِ رَجُلًا أَعْمَى يَسْأَلُ،


(١) هُوَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ (ت: ٦١٣ هـ) تَقَدَّم ذِكْرُهُ.
(٢) لَمْ أَقِفْ عَلَى أَخْبَارِهِ.
(٣) لم أقف عَلَى أَخْبارهِ أَيْضًا.