للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ}.

وَالثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى "أَنْ" النَّاصِبَةِ لِلْفِعْلِ المُسْتَقْبَلِ، وَلكِنَّهَا لَا تَنْصِبُ، وَهُوَ كَثِيْرٌ فِي القُرْآنِ وَالشِّعْرِ، كَقَولِهِ تَعَالَى: (١) {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (٩)} {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي} (٢) وَلَا يَجُوْزُ أَنْ يَكُوْنَ لِلْامْتِنَاعِ؛ إِذْ لَا جَوَابَ لَهَا، وَلأَنَّ "وَدَّ" لَا تُعَلَّقُ عَنِ العَمَلِ؛ إِذْ لَيْسَ مِنْ بَابِ العِلْمِ وَالظَّنِّ، وَلأَنَّ "أَنْ" قَدْ جَاءَتْ بَعْدَهَا صَرِيْحَةً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (٣) {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ} وَإِنَّمَا لَمْ تَنْصِبْ؛ لأَنَّ "لَوْ" قَدْ تَعَدَّدَتْ مَعَانِيْهَا، فَلَمْ تَخْتَصَّ، وَجَرَتْ مَجْرَى "حَتَّى" فِي الأفْعَالِ.

وَالقِسْمُ الأَوَّلِ يَرِدُ فِي اللُّغَةِ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ.

أَحَدُهَا: أَنْ تَدُلَّ عَلَى كَلَامٍ لَا نَفْيَ فِيْهِ، كَقَوْلِكَ: لَوْ قُمْتَ قُمْتُ، وَيُفِيْدُ ذلِكَ امْتِنَاعُ قِيَامِكَ لَامْتِنَاعِ قِيَامِهِ.

وَالثَّانِي: أَنْ تَدْخُلَ عَلَى نَفْيَيْنِ، فَيَصِيْرُ المَعْنَى إِلَى إِثْبَاتِهِمَا، كَقَوْلِكَ: لَوْ لَمْ تَزُرْنِي لَمْ أُكْرِمْكَ، أَي: أَكْرَمْتُكَ لأنَّكَ زُرْتَنِي، فَانْقَلَبَ النَّفْيُ هَهُنَا إِثْبَاتًا، لأَنَّ "لَوْ" امْتِنَاعٌ، وَالاِمْتِنَاعُ نَفْيٌ، وَالنَّفْيُ إِذَا دَخَلَ عَلَى النَّفيِ صَارَ إِيْجَابًا.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُوْنَ النَّفْيُ فِيْمَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ دُوْنَ جَوَابِهَا، كَقَوْلِكَ: لَوْ لَم تَشْتُمْهُ لأَكْرَمَكَ، فَالشَّتْمُ وَاقِعٌ، وَالإِكْرَامُ مُنْتَفٍ، وَالاِمْتِنَاعُ أَزَالَ النَّفْيَ،


(١) سورة القلم.
(٢) سورة المعارج، الآية: ١١.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٢٦٦.