وَبَقِيَ الإِيْجَابُ بِحَالِهِ.
وَالرَّابِعُ: عَكْسُ الثَّالِثِ، وَهُوَ قَوْلُكَ: لَوْ أَحْسَنَ إِلَيْكَ لَمْ تُسِيءْ إِلَيْهِ، وَالمَعْنَى مَعْلُومٌ.
وَالخَامِسُ: أَنْ تَقَعَ لِلْمُبَالَغَةِ، فَلَا تُفِيْدُ مَفَادُهَا فِي الوُجُوْهِ الأُوَلِ، كَقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: "نِعْمَ العَبْدُ صُهَيْبٌ، لَوْ لَمْ يَخَفِ اللهَ لَمْ يَعْصِهِ"، وَالمَعْنَى: أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ خَوْفٌ لَمَا عَصَى، فَكَيْفَ يَعْصِي وَعِنْدَهُ خَوْفٌ؟ وَلَوْ لَمْ يُرِدِ المُبَالَغَةَ لَكَانَ مَعْنَى ذلِكَ: أَنَّهُ يَعْصِي اللهَ، لأنَّهُ يَخَافُهُ.
وَقَالَ أَيْضًا: "لَوْ" فِي المَوْضِعِ اللُّغَوِيِّ تُعَلِّقُ فِعْلًا بِفِعْلٍ، وَالفِعْلُ الأَوَّلُ عِلَّةُ الثَّانِي، إِلَّا أَنْ يَكُوْنَ هُنَا قَرِيْنَةٌ صَارِفَةٌ تَصرِفُهَا عَنْ هَذَا الأَصْلِ، وَهُوَ أَنْ يَدُلَّ المَعْنَى عَلَى إِرَادَةِ المُبَالَغَةِ، كَقَوْلِكَ: لَوْ أُهِيْنَ زَيْدٌ لأَحْسَنَ إِلَى مَنْ يُهِيْنَهُ، وَالمَعْنَى: أَنَّهُ إِذَا أُكْرِمَ كَانَ أَوْلَى بِالإِحْسَانِ، لَا أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُهَنْ لَمْ يُحْسِنْ.
- وَمِنْ كَلَامِهِ: "بَلْهَ" تُسْتَعْمَلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تَكُوْنَ بِمَعْنَى "غَيْرِ".
وَالثَّانِي: أَنْ تَكُوْنَ بِمَعْنَى "دَعْ" فَتَكُوْنَ مَبْنِيَّةً علَى الفَتْحِ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى "كَيْفَ" فَإِنْ دَخَلَتْ "مِنْ" عَلَيْهَا كَانَتْ مُعْرَبَةً، وَجُرَّتْ بِمِنْ.
- وَذَكَرَ أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الفَارِسيَّ حَكَى عَنْ أَبِي زَيْدٍ (١)، القَلْبَ، فَيُقَالُ:
(١) هُوَ أَبُو زَيْدٍ، سَعِيْدُ بنُ أَوْس بنِ ثَابتٍ الأَنْصَارِيُّ (ت: ٢١٥ هـ تقريبًا) مُؤَلِّف "النَّوَادِرِ =
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute