للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"بَهْلَ" إِلَّا أَنَّهَا لَا تُسْتَعْمَلُ مِثْلَ: "بَلْهَ" لأَنَّهَا فَرْعٌ.

وَقَالَ أَبُو البَقَاءِ: سَأَلَنِي سَائِلٌ عَنْ قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم - (١): "إِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ" فَقَالَ: أَيَجُوْزُ فِي "الرُّحَمَاءُ" الرَّفْعُ والنَّصْبُ؟ وَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ زَعَمَ أَنَّ الرَّفْعَ غَيْرُ جَائِزٍ، فَأَحَبْتُ: بِأَنَّ الوَجْهَيْنِ جَائِزَانِ.

أَمَّا النَّصْبُ: فَلَهُ وَجْهَانِ، أَقْوَاهُمَا: أَنْ تَكُوْنَ "مَا" كَافَّةً لِـ "إِنَّ" عَنِ العَمَلِ فَلَا يَكُوْنُ فِي "الرُّحَمَاءُ" عَلَى هَذَا إِلَّا النَّصْبُ، لأَنَّ "إِنَّ" إِذَا كُفَّتْ عَنِ العَمَلِ وَقَعَتْ بَعْدَهَا الجُمْلَةُ ابْتِدَائِيَّةً، وَلَمْ يَبْقَ لَهَا عَمَلٌ، فَيَتَعَيَّنُ حِيْنَئِذٍ نَصْبُ "الرُّحَمَاءِ" بِـ "يَرْحَمُ" إِذْ لَمْ يَبْقَ لهَا تَعَلُّقٌ بِـ "إِنَّ"، وَمِثْلُهُ (٢): {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ} عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ نَصَبَ، وَفَائِدَةُ دُخُوْلِ "مَا" عَلَى هَذَا الوَجْهِ: إِثْبَاتُ المَذْكُوْرِ، وَنَفْيِ مَا عَدَاهُ، فَتَثْبُتُ الرَّحْمَةُ لِلْرُّحَمَاءِ دُوْنَ غَيْرِهِمْ.

وَالوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ تَكُوْنَ "مَا" زَائِدَةٌ، وَ"إِنَّ" بِمَعْنَى "نَعَمْ" وَزِيَادَةُ "مَا" كَثِيْرًا، وَوُقُوْعُ "إِنَّ" بِمَعْنَى "نَعَمْ" كَثِيْرٌ، فَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (٣) {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} فِي أَحَدِ القَوْلَيْنِ، وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، حِيْنَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ:


= فِي اللُّغَةِ". أَخْبَارُهُ فِي: نُزْهَةِ الأَلِبَّاءِ (٨٦)، وَمُعْجَمِ الأُدَبَاءِ (١١/ ٢١٤).
(١) الحَدِيْث مَشْهُوْرٌ جِدًّا، وَهُوَ مِنَ الأَحَادِيْثِ المُسَلْسَلَةِ بِالأَوَّلِيَّةِ.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٧٣.
(٣) سورة طه، الآية: ٦٣.