للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فِيْمَنْ يَعْقِلُ، وَفِيْمَنْ لَا يَعْقِلُ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ ذلِكَ بِمَا يَتَّصِلُ بِهَا، وَكَذلِكَ فِي "مَا" لَا سِيَّمَا إِذَا اتَّصَلَ بِهَا مَا يَصيْرُ وَصْفًا، وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ "مَا" و"الَّذِي" فِي أَنَّ "الَّذِي" يُوْصَفُ بِلَفْظِهَا، وَ"مَا" لَا يُوْصَفُ بِلَفْظِهَا.

فَإِنْ قِيْلَ: كَيْفَ يَصِحُّ هَذَا وَ"الرُّحَمَاءُ" جَمْعٌ، وَ"مَا" بِمَعْنَى "الَّذِي" مُفْرَدَةٌ، وَالمُفْرَدُ لَا يُخْبَرُ عَنْهُ بِالجَمْعِ؟

قِيْلَ: "مَا" يَجُوْزُ أَنْ يُخْبَرَ عَنْهَا بِلَفْظِ المُفْرَدِ تَارَةً، وَبِلَفْظِ الجَمْعِ أُخْرَى، مِثْلُ "مَنْ" وَ"كُلٍّ" قَالَ تَعَالَى: (١) {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ}، وَقَالَ في آية أُخْرَى (٢): {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ}، وَكَذلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (٣) {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (١١٢)} وَقَالَ فِي "كُلٍّ" (٤): {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (٨٧)}، {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (٩٥)} (٥)، فَالإِفْرَادُ مَحْمُوْلٌ عَلَى لَفْظِ "مَنْ" وَ"مَا" وَ"كُلٍّ" وَالجَمْعُ مَحْمُولٌ عَلَى مَعَانِيْهَا.

وَأَمَّا "الَّذِي" فَقَدِ اسْتُعْمِلَتْ مُفْرَدَةً لِلْجِنْسِ، وَرَجَعَ الضَّمِيْرُ تَارَةً إِلَى لَفْظِهَا مُفْرَدًا، وَتَارَةً إِلَى مَعْنَاهَا مَجْمُوْعًا، قَالَ تَعَالَى: (٦) {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ


(١) سورة الأنعام، الآية: ٢٥.
(٢) سورة يونس، الآية: ٤٢.
(٣) سورة البقرة.
(٤) سورة النَّمل.
(٥) سورة مريم.
(٦) سورة البقرة.