للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مُدَّةً يَسِيْرَةً (١)، فَقَرَأَ عَلَيْهِ مِنَ "الخِرَقِّي" (٥) ثُمَّ تُوُفِّيَ الشَّيْخُ، فَلَازَمَ أَبَا الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ المَذْهَبَ، وَالخِلَافِ، وَالأُصُوْلَ حَتَّى بَرَعَ، وَأَقَامَ بِـ "بَغْدَادَ" نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِ سِنِيْنَ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الضِّيَاءُ، عَنْ أُمِّهِ، وَهِيَ أُخْتُ الشَّيْخِ (٢)، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى "دِمَشْقَ"، ثُمَّ عَادَ إِلَى "بَغْدَادَ" سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ، كَذَا قَالَ سِبْطُ ابْنِ الجَوْزِيِّ.

وَذَكَرَ النَّاصِحُ ابْنُ الحنْبَلِيِّ: أَنَّهُ حَجَّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ، وَرَجَعَ مَعَ وَفْدِ العِرَاقِ إِلى "بَغْدَادَ"، وَأَقَامَ بِهَا سَنَةً، فَسَمِعَ دَرْسَ ابْنِ المَنِّيِّ، قَالَ: وَكُنْتُ أَنَا قَدْ دَخَلْتُ "بَغْدَادَ" سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ، وَاشْتَغَلْنَا جَمِيْعًا عَلى الشَّيْخِ أَبِي الفَتْحِ بْنِ المَنِّيِّ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى "دِمَشْقَ"، وَاشْتَغَلَ بِتَصْنِيْفِ كِتَابِ "المُغْنِي" فِي شَرْحِ "الخِرَقِيِّ" فَبَلَغَ الأَمَلَ فِي إِتْمَامِهِ، وَهُوَ كِتَابٌ بَلِيْغٌ فِي المَذْهَبِ، عَشْرُ مُجَلَّدَاتٍ، تَعِبَ عَلَيْهِ، وَأَجَادَ فِيْهِ وَجَمَّلَ بِهِ المَذْهَبَ. وَقَرَأَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ، وَانْتَفَعَ بِعِلْمِهِ طَائِفَةٌ كَثِيْرَةٌ، قَالَ: وَمَشَى عَلَى سَمْتِ أَبِيْهِ وَأَخِيْهِ فِي الخَيْرِ وَالعِبَادَةِ، وَغَلَبَ عَلَيْهِ الِاشْتِغَالُ بِالفِقْهِ وَالعِلْمِ.

وَقَالَ سِبْطُ ابْنِ الجَوْزِيِّ: كَانَ إِمَامًا فِي فُنُوْنٍ، وَلَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ


(١) سبَقَ في ترْجَمَةِ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ أَنَّهَا أَرْبَعِيْنَ يَومًا، وَقَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَرْجَمَةِ المُوفَّقِ أَنَّهُمَا أَدْرَكَا مِنْ حَيَاةِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ خَمْسِيْنَ يَوْمًا. وَنَقَلَ فِي مَوْضِعٍ آخر عن الحَافِظ الضِّيَاءِ فِي سِيْرَةِ الشَّيْخِ المُوَفَّقِ أَنَّهُمَا أَقَامَا خَمْسِيْنَ لَيْلَةَ، وَمَاتَ، ثُمَّ أَقَامَ عِنْدَ أَبِي الفَرَجِ بنِ الجَوْزِيِّ، ثُمَّ انْتَقَلَا إِلى رِبَاطِ الشَّيْخِ مَحْمُوْدٍ النَّعَّالِ، وَاشْتَغَلَا علَى ابنِ المَنِّيِّ.
(٢) اسْمُهَا رُقَيَّةُ بِنْتُ أَحْمَدَ بنُ مُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ (ت: ٦٢١ هـ).