للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَعَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ يُسَامِي الشَّيْخَ فِي زَمَانِهِ. وَلِلْشَّيْخِ يَحْيَى الصَّرْصَرِيِّ فِي مَدْحِ الشَّيْخِ وَكُتُبِهِ، فِي جُمْلَةِ القَصِيْدَةِ الطَّوِيْلَةِ اللَّامِيَّةِ (١):

وَفِي عَصْرِنَا كَانَ المُوَفَّقُ حُجَّةً … عَلَى فِقْهِهِ ثَبْتُ الأُصُوْلِ مُحَوَّلِي

كَفَى الخَلْقَ بِـ "الكَافِي" وَأَقْنَعَ طَالِبًا … بِـ "مُقْنَع" فِقْهٍ عَنْ كِتَابٍ مُطَوَّلِ

وَأَغْنَى بِـ "مُغْنِي" الفِقْهِ مَنْ كَانَ بَاحِثًا … وَ"عُمْدَتُهُ" مَنْ يَعْتَمِدْهَا يُحَصِّلِ

وَ"رَوْضَتُهُ" ذَاتُ الأُصُوْلِ كَرَوْضَةٍ … أَمَاسَتْ بِهَا الأَزْهَارُ أَنْفَاسَ شَمْأَلِ

تَدُلُّ عَلَى المَنْطُوْقِ أَوْفَى دِلَالَةٍ … وتَحْمِلُ فِي المَفْهُومِ أَحْسَنَ مَحْمَلِ

وَلِلْشَيْخِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ نَظْمٌ كَثِيْرٌ حَسَنٌ (٢)، وَقِيْلَ: إِنَّ لَهُ قَصِيْدَةً فِي عَوِيْصِ اللُّغَةِ طَوِيْلَةً، وَلَهُ مُقَطَّعَاتٌ مِنَ الشِّعْرِ، فَمِنْهَا قَوْلُهُ: (٣)

أَتَغْفُلُ يَا ابْنَ أَحْمَدَ وَالمَنَايَا … شَوَارِعُ تَخْتَرِمْنَكَ عَنْ قَرِيْبِ

أَغَرَّكَ أَنَّ تَخَطَّتْكَ الرَّزَايَا … فَكَمْ لِلْمَوْتِ مِنْ سَهْمٍ مُصِيْبِ

كُؤُوْسُ المَوْتِ دَائِرَةٌ عَلَيْنَا … وَمَا لِلْمَرْءِ بُدٌّ مِنْ نَصِيْبِ

إِلَى كَمْ تَجْعَلِ التَّسْوِيْفَ دَأْبًا … أَمَا يَكْفِيْكَ إِنْذَارُ المَشِيْبِ

أَمَا يَكْفِيْكَ أَنَّكَ كُلُّ حِيْنٍ … تَمُرُّ بِغَيْرِ خَلٍّ أَوْ حَبِيْبِ

كَأَنَّكَ قَدْ لَحِقْتَ بِهِمْ قَرِيْبًا … وَلَا يُغْنِيْكَ إِفْرَاطُ النَّحِيْبِ


= شَيْخِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ سُئِلَ أَيُّمَا كَانَ أَعْلَمَ فَخْرُ الدِّين بنُ عَسَاكِرٍ أَمِ الشَّيْخُ المُوَفَّقُ؟ فَغَضِبَ وَقَالَ: وَاللهِ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ كَانَ أَعْلَمَ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِي من ابنِ عَسَاكِرٍ فَضْلًا عَنْ مَذْهَبِهِ".
(١) دِيْوَانُهُ (٤٥٨).
(٢) أَوْرَدَ ابنُ الشَّعَّارِ فِي "عُقُوْدِ الجُمَانِ" نَمَاذِجَ مِنْ شِعْرِهِ لا يَتَّسِعُ المَقَام هُنَا لِذِكْرِهَا.
(٣) الأَبْيَاتُ فِي عُقُوْدِ الجُمَانِ لابنِ الشَّعَارِ (٣/ ١٦٤)، وَهِيَ فِي كَثِيْرٍ مِنْ مَصَادِرِ التَّرْجَمَةِ.