للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِنَّنِي لَمْ أَنْهَ عَنِ القَوْلِ بِالتَّخْلِيْدِ نَافِيًا لَهُ، وَلَا عِبْتُ القَوْلَ بِهِ مُنْتَصِرًا لِضِدِّهِ، وإنَّمَا نَهَيْتُ عَنِ الكَلَامِ فِيْهَا مِنَ الجَانِبَيْنِ إِثَبَاتًا أَوْ نَفْيًا؛ كَفًّا لِلْفِتْنَةِ بِالخِصَامِ فِيْهَا، وَاتِّبَاعًا لِلْسُنَّةِ فِي السُّكُوْتِ عَنْهَا، إِذْ كَانَتْ هَذِهِ المَسْأَلَةِ مِنْ جُمْلَةِ المُحْدَثَاتِ، وَأَشَرْتَ علَيَّ مِنْ قِبَلِ نَصِيْحَتِي بِالسُّكُوْتِ عمَّا سَكَتَ عَنْهُ رَسُوْلُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وصَحَابَتُهُ، وَالأَئِمَّةُ المُقْتَدَى بِهِمْ مِنْ بَعْدِهِ. إِلَى أَنْ قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُهُ - وَفَّقَهُ اللهُ - "إِنِّي كُنْتُ مَسْأَلة إِجْمَاعٍ، فَصِرْتُ مَسألَة خِلَافٍ"، فَإِنَّنِي إِذَا كُنْتُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في حِزْبِهِ، مُتَّبِعًا لِسُنَّةِ، مَا أُبَالِي مَنْ خَالَفَنِي، وَلَا مَنْ خَالَفَ فِيَّ، وَلَا أَسْتَوْحِشُ لِفِرَاقِ مَنْ فَارَقَنِي، وإِنِّي لَمُعْتَقِدٌ أَنَّ الخَلْقَ كُلَّهُمْ لَوْ خَالَفُوا السُّنَّةَ وَتَرَكُوْهَا، وَعادَوْنِي مِنْ أَجْلِهَا، لَمَا ازْدَدْتُ لَهَا إِلَّا لُزُوْمًا، وَلَا بِهَا إِلَّا اغْتِبَاطًا، إِنْ وَفَّقَنِي اللهُ لِذلِكَ، فَإِنَّ الأُمُوْرَ كُلَّهَا بِيَدَيْهِ، وَقُلُوْبُ العِبَادِ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: "إِنَّ هَذِهِ المَسْأَلَةِ مِمَّا لَا تَخْفَى" فَقَدْ صَدَقَ وَبَرَّ، مَا هِيَ - بِحَمْدِ اللهِ - عِنْدِي خَفِيَّةٌ، بَلْ هِيَ مُنْجَلِيَةٌ مُضِيَّةٌ، وَلكِنْ إِنْ ظَهَرَ عِنْدَهُ - بِسَعَادَتهِ - تَصْوِيْبُ الكَلَامِ فِيْهَا، تَقْلِيْدًا لِلْشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ، وَابْنِ الزَّاغُونِيِّ فَقَدْ تَيَقَّنْتُ تَصْوِيْبَ السُّكُوْتِ عَنِ الكَلَامِ فِيْهَا، اتِّبَاعًا لِسَيِّدِ المُرْسَلِيْنَ، وَمَنْ هُوَ حُجَّةٌ عَلَى الخَلْقِ أَجْمَعِيْنَ، ثُمَّ لِخُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَسَائِرِ الصَّحَابَةِ وَالأَئِمَّةِ المَرْضِيِّيْنَ، لَا أُبَالِي مَنْ لَامَنِي فِي اتِّبَاعِهِمْ، وَلَا مَنْ فَارَقَنِي فِي وِفَاقِهِمْ، فَأَنَا كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: (١)


(١) البَيْتُ لأَبي الشِّيْصِ الخُزَاعِيِّ في أَشْعَارِهِ الَّتِي جَمَعَهَا د/ عَبْدُ اللهِ الجُبُوريُّ وَنَشَرَهَا سَنَةَ (١٣٨٧ هـ) ص (٩٣).