أَجِدُ المَلَامَةَ فِي هَوَاكِ لَذِيْذَةً … حُبًّا لِذِكْرِكِ فَلْيَلُمْنِي اللُّوَّمُ
فَمَنْ وَافَقَنِي عَلَى مُتَابَعَتِهِمْ، وَأَجَابَنَي إِلَى مُرَافَقَتِهِمْ وَمُوافَقَتِهِمْ فَهُوَ رَفِيْقِي وَحَبِيْبِي وَصَدِيْقِي، وَمَنْ خَالَفَنِي فِي ذلِكَ فَلْيَذْهَبْ حَيْثُ شَاءَ، فَإِنَّ السُّبُلَ كَثِيْرَةٌ، وَلكِنْ لَا حَظِرَةٌ [وَلَا خَطِرَةٌ] (١) وَقَوْلُهُ - بِسَعَادَتِهِ -: "إِنَّ تَعَلُّقَهُ بِأَنَّ لَفْظَ (التَّخْلِيْد) لَمْ تَرِدْ لَيْسَ بِشَيءٍ".
فَأَقُوْلُ: لَكِنِّي عِنْدِي أَنَا هُوَ الشَّيْءُ الكَبِيْرُ، وَالأَمْرُ الجَلِيْلُ الخَطِيْرُ، فَأَنَا أُوَافِقُ أَئِمَّتِي فِي سُكُوْتِهِمْ، كُمُوَافَقَتِي لَهُمْ فِي كَلَامِهِمْ، أَقُوْلُ إِذَا قَالُوا، وَأَسْكُتُ إِذَا سَكَتُوا، وَأَسِيْرُ إِذَا سَارُوا، وَأَقِفُ إِذَا وَقَفُوا، وَأَحْتَذِي طَرِيْقَهُمْ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِمْ جَهْدِي، وَلَا أَنْفَرِدُ عَنْهُمْ خِيْفَةَ الضَّيْعَةِ إِنْ سِرْتُ وَحْدِي، فَأَمَّا قَوْلُهُ: "إِنَّ كُتُبَ الأَصْحَابِ القَدِيْمَةَ وَالحَدِيْثَةَ فِيْهَا القَوْلُ بِتَكْفِيْرِ القَائِلِ بِخَلْقِ القُرْآنِ": فَهَذَا مُتَضَمِّنٌ أَنَّ قَوْلَ الأَصْحَابِ هُوَ الحُجَّةُ القَاطِعَةُ، وَهَذَا عَجَبٌ، أَتُرَى لَوْ أَجْمَعَ الأَصْحَابُ عَلَى مَسْأَلَةٍ فُرُوْعِيَّةِ، أَكَانَ ذلِكَ حُجَّةً يُقْتَنَعُ بِهَا، وَيُكْتَفَى بِذِكْرِهَا؟ فَإِنْ كَانَ فَخْرُ الدِّيْنِ يَرَى هَذَا فَمَا يَحْتَاجُ فِي تَصْنِيْفِهِ إِلَى ذِكْرِ دَلِيْلٍ سِوَى قَوْلِ الأَصْحَابِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَرَى ذلِكَ حُجَّةً فِي الفُرُوْعِ، فَكَيْفَ جَعَلَهُ حُجَّةً فِي الأُصُوْلِ؟ وَهَبْ أَنَّا عَذَرْنَا العَامَّةَ فِي تَقْلِيْدِهِمْ الشَّيْخَ أَبَا الفَرَجِ وَغَيْرَهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ فِي دَلِيْلٍ، فَكَيْفَ يُعْذَرُ مَن هُوَ إِمَامٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي أَنْوَاعِ العُلُوْمِ؟ ثُمَّ إِنْ سَلَّمْنَا مَا قَالَ، فَلَا شَكَّ أَنَّهُ مَا اطَّلَعَ علَى جَمِيعِ تَصَانِيْفِ الأَصْحَابِ، ثُمَّ إِنْ ثَبَتَ أَنَّ جَمِيْعَهُمُ اتَّفَقُوا
(١) ساقط من (ط).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute