للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

علَى تَكْفِيْرِهِمْ، فَهُوَ مُعَارِضٌ بِقَوْلِ مَنْ لَمْ يُكَفِّرْهُمْ، فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ وَأَصْحَابَهُ لَا يَرَوْنَ تَكْفِيْرَهُمْ إِلَّا أَبَا حَامِدٍ (١). فَبِمَ يَثْبُتُ التَّرْجِيْحُ (٢) ثُمَّ إِنِ اتَّفَقَ الكُلُّ عَلَى تَكْفِيْرِهِمْ، فَلَيْسَ التَّخْلِيْدُ مِنْ لَوَازِمِهِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قدْ أَطْلَقَ التَّكفِيْرَ فِي مَوَاضِعَ لَا تَخْلِيْدَ فِيْهَا، وَذَكَرَ حَدِيْثَ (٣) "سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوْقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ" وَغَيْرُهُ مِنَ الأَحَادِيْثِ، وَقَالَ: قَالَ أَبُو نَصْرٍ السِّجْزِيُّ (٤): اخْتَلَفَ القَائِلُوْنَ بِتَكْفِيْرِ القَائِلِ بِخَلْقِ القُرآنِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُفْرٌ يَنْقُلُ عَنِ المِلَّةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُفْرٌ لَا يَنْقُلُ عَنِ المِلَّةِ، ثُمَّ إِنَّ الإِمَامَ أَحْمَدَ الَّذِي هُوَ مِنْ (٥) أَشَدِّ النَّاسِ عَلَى أَهْلِ البِدَعِ - قَدْ كَانَ يَقُوْلُ لِلْمُعْتَصِمِ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، وَيرَى طَاعَةَ الخُلفَاءِ الدَّاعِيْنَ إِلَى القَوْلِ بِخَلْقِ القُرْآنِ، وَصَلَاةَ الجُمَعِ وَالأَعْيَادِ خَلْفَهُمْ وَلَوْ سَمِعَ الإِمَامُ أَحْمَدُ مَنْ يَقُوْلُ هَذَا القَوْلَ، الَّذِي لَمْ يَرِدْ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَا عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ: لأَنْكَرَهُ أَشَدَّ الإِنْكَارِ، فَقَدْ كَانَ يُنْكِرُ أَقَلَّ مِنْ هَذَا،


(١) هُوَ الإِمَامُ الغَزَالِيُّ (ت: ٥٠٥ هـ).
(٢) في (ط): "الترجح".
(٣) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (١٣/ ٢٢) فِي (الفِتَنِ) بَابُ "قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كفَّارًا"" وَفِي (الأَدَبِ) بَابُ "مَا يُنْهَى عَنِ السِّبَابِ وَاللَّعْنِ". وَمُسْلِمٌ رقم (٦٤) في (الإِيْمَانِ) بَابُ "قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوْقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ". وَالتِّرْمِذِيُّ رقم (٢٦٣٦) في (الإِيْمَانِ)، وَالنَّسَائِيُّ في المُجْتَبَى (٧/ ١٢٢)، في (تَحْرِيْمِ الدَّمِ) من حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ". عن هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(٤) تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
(٥) ساقط من (ط).