للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثُمَّ إِنْ عَلِمْتُمْ أَنْتُمْ هَذَا، أَفَيَحِلُّ لِي وَلِمِثْلِي مِمَّنْ لَمْ يَعْلَمْ صِحَّةَ هَذَا القَوْلِ أَنْ يَقُوْلَ بِهِ؟ وَهَلْ فَرَضَ الجَاهِل بِشَيءٍ إِلَّا السُّكُوْتُ عَنْهُ؟ فَأَنَا مَا أَنْكَرْتُ هَذَا إِلَّا عَلَى الجَاهِلِ بِهِ.

أَمَّا مَنْ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى الأَسْرَارِ، وَعَلِمَ مَا يَفْعَلُهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى جَلِيَّتِهِ فَمَا أَنْكَرْتُ عَلَيْهِ. وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْمُرَنِي أَنْ أَقُوْلَ بِمَقَالَتِي مَعَ جَهْلِي بِمَا قَدْ عَلِمَهُ، لكِنْ إِذَا اعْتَقَدْتُمْ هَذَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يَظْهَرَ عَلَيْكُمْ آثَارُ العَمَلِ بِهِ فِي تَرْكِ مُصَادَقَتِهِمْ، وَمُوَادَّتِهمْ وَزِيَارَتِهِمْ، وَأَنْ لَا تَعْتَقِدُوا صِحَّةَ وِلَايَتِهِمْ، وَلَا قَبُوْلَ كِتَابِ حَاكِمٍ مِنْ حُكَّامِهِمْ، وَلَا مَنْ وَلَّاهُ أَحَدٌ مِنهُمْ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُوْنَ أَنَّ قَاضِيْكُمْ إِنَّمَا وِلَايَتُهُ مِنْ قِبَلِ أَحَدِ دُعَاتِهِمْ.

وَأَمَّا قَوْلُكَ - بِسَعَادَتِكَ -: "أُنْظُرْ كَيْفَ تَتَلَافَى هَذِهِ الهَفْوَةَ، وَتُزِيْلُ تَكْدِيْرَ الصَّفْوَةِ" فَإِنْ قَنِع مِنِّي بِالسُّكُوْتِ فَهُوَ مَذْهَبِي وَسَبِيْلِي، وَعَلَيْهِ تَعْوِيْلِي. وَقَدْ ذَكَرْتُ عَلَيْهِ دَلِيْلِي، وإِنْ لَمْ يَرْضَ مِنِّي إِلَّا أَنْ أَقُولَ مَا لَا أَعْلَمُ، وَأَسْلُكَ السَّبِيْلَ الَّذِي غَيْرُهُ أَسَدُّ وَأَسْلَمُ، وَأَخْلَعَ عِذَارِي فِي سُلُوْكِ مَا فِيهِ عِثَارِي، وَيُسْخِطُ علَيَّ البَارِي، فَفِي هَذَا التَّلَافِي تَلَافِي، وَتَكْدِيْرِ صَافِي أَوْ صَافِي، لَا يَرْضَاهُ لِي الأَخُ المُصَافِي، وَلَا مَنْ يُرِيْدُ إِنْصَافِي، وَلَا مَنْ سَعَى فِي إِسْعَافِي، وَمَا أُتَابِعُهُ وَلَوْ أَنَّهُ بِشْرٌ الحَافِي. إِلَى أَنْ قَالَ: وَاعْلَمْ أَيُّهَا الأَخُ النَّاصِحُ أَنَّكَ قَادِمٌ عَلَى رَبِّكَ، وَمَسْئُولٌ عَنْ مَقَالَتِكَ هَذِهِ، فَانْظُرْ مَنِ السَّائِلَ، وَانْظُرْ مَا أَنْتَ لَهُ قَائِلٌ، فَأَعِدَّ لِلْمَسْأَلَةِ جَوَابًا، وَادَّرِعْ لِلاعْتِذَارِ جِلْبَابًا، وَلَا تَظُنُّ أَنَّهُ يَقْنَعُ مِنْكَ فِي الجَوَابِ بِتَقْلِيْدِ بَعْضِ الأَصْحَابِ، وَلَا يُخَلِّصُكَ الاِعْتِذَارُ بِأَنَّ